السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2091 باب غسل المحرم رأسه

وقال النووي : ( باب جواز غسل المحرم بدنه ورأسه).

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 125 ج 8 المطبعة المصرية

[عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين، ، عن أبيه، ، عن عبد الله بن عباس والمسور بن مخرمة؛ أنهما: اختلفا بالأبواء. فقال عبد الله بن عباس: يغسل المحرم رأسه. وقال المسور: لا يغسل المحرم رأسه. فأرسلني ابن عباس، إلى أبي أيوب الأنصاري؛ أسأله عن ذلك. فوجدته يغتسل بين القرنين، وهو يستتر بثوب. قال: فسلمت عليه. فقال: من هذا؟ فقلت: أنا عبد الله بن حنين. أرسلني إليك عبد الله [ ص: 358 ] بن عباس، أسألك: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه، وهو محرم؟ فوضع أبو أيوب (رضي الله عنه) يده على الثوب، فطأطأه حتى بدا لي رأسه. ثم قال لإنسان يصب: اصبب. فصب على رأسه. ثم حرك رأسه بيديه. فأقبل بهما وأدبر. ثم قال: هكذا رأيته صلى الله عليه وسلم يفعل ].


(الشرح)

(عن عبد الله بن حنين ، عن عبد الله بن عباس والمسور بن مخرمة ) رضي الله عنهم؛ أنهما اختلفا بالأبواء ، وهما نازلان بها.

وفي رواية: ( بالعرج ) ، بفتح أوله وإسكان ثانيه: قرية جامعة، قريبة من الأبواء .

(فقال عبد الله بن عباس : يغسل المحرم رأسه . وقال المسور : لا يغسل المحرم رأسه. فأرسلني ابن عباس ، إلى أبي أيوب الأنصاري ) رضي الله عنه.

(أسأله عن ذلك. فوجدته: يغتسل بين القرنين) بفتح القاف. تثنية (قرن). وهما: الخشبتان القائمتان على رأس البئر. وشبههما من البناء. وتمد بينهما (خشبة) ، يجر عليها الحبل المستقى به، وتعلق عليها البكرة.

[ ص: 359 ] (وهو يستتر بثوب. قال: فسلمت عليه. فقال: من هذا؟ فقلت: أنا عبد الله بن حنين . أرسلني إليك عبد الله بن عباس ، أسألك: كيف كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يغسل رأسه، وهو محرم؟ ) .

قال ابن عبد البر : الظاهر: أن ابن عباس ، كان عنده في ذلك نص من النبي -صلى الله عليه وسلم-، أخذه عن أبي أيوب ، أو عن غيره.

ولهذا قال عبد الله بن حنين لأبي أيوب : يسألك إلخ. ولم يقل: هل كان يغسل رأسه أو لا؟ على حسب ما وقع فيه اختلاف المسور وابن عباس .

(فوضع أبو أيوب يده على الثوب، فطأطأه) أي: أزاله عن رأسه.

وفي رواية للبخاري : (جمع ثيابه إلى صدره، حتى نظرت إليه).

(حتى بدا لي رأسه. ثم قال لإنسان) . قال الحافظ : لم أقف على اسمه.

(يصب: اصبب. فصب على رأسه. ثم حرك رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر. ثم قال: هكذا رأيته -صلى الله عليه وسلم - يفعل) .

زاد في رواية للبخاري : (فرجعت إليهما فأخبرتهما، فقال المسور : لابن عباس : لا أماريك أبدا) . أي: لا أجادلك.

قال في (شرح المنتقى): والحديث، يدل على جواز الاغتسال للمحرم، وتغطية الرأس باليد حاله .

[ ص: 360 ] قال ابن المنذر : أجمعوا على أن للمحرم، أن يغتسل من الجنابة .

واختلفوا في ما عدا ذلك.

وروى مالك في (الموطأ) عن نافع : أن ابن عمر (رضي الله عنهما) ، كان لا يغسل رأسه وهو محرم، إلا من الاحتلام .

وروي عن مالك : أنه كره للمحرم، أن يغطي رأسه في الماء.

وللحديث فوائد، ليس هذا موضع ذكرها. انتهى.

قال النووي : وفي هذا الحديث، فوائد منها: جواز اغتسال المحرم، وغسله رأسه، وإمرار اليد على شعره بحيث لا ينتف شعرا.

ومنها: قبول خبر الواحد . وأن قبوله، كان مشهورا عند الصحابة (رضي الله عنهم).

ومنها: الرجوع إلى النص، عند الاختلاف. وترك الاجتهاد والقياس، عند وجود النص .

ومنها: السلام على المتطهر: في وضوء وغسل، بخلاف الجالس على الحدث .

ومنها: جواز الاستعانة في الطهارة ، ولكن الأولى: تركها إلا لحاجة.

قال: واتفق العلماء، على جواز غسل المحرم: رأسه وجسده عن الجنابة، بل هو واجب عليه.

وأما غسله تبردا، فمذهبنا ومذهب الجمهور: جوازه بلا كراهة.

[ ص: 361 ] ويجوز عندنا: غسل رأسه بالسدر والخطمي ، بحيث لا ينتف شعرا. فلا فدية عليه، ما لم ينتف شعرا.

وقال أبو حنيفة ومالك : هي حرام، موجب للفدية. انتهى.

وأقول: الحديث، يرد عليهما.

التالي السابق


الخدمات العلمية