السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2085 باب في الفدية على المحرم

وقال النووي : ( باب جواز حلق الرأس للمحرم، إذا كان به أذى، ووجوب الفدية لحلقه. وبيان قدرها).

وفي المنتقى: ( باب النهي عن أخذ الشعر إلا لعذر، وبيان فديته).

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 120 ج 8 المطبعة المصرية

[عن عبد الله بن معقل، قال: قعدت إلى كعب (رضي الله عنه) وهو في المسجد، فسألته عن هذه الآية: {ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} ؟

فقال كعب (رضي الله عنه): نزلت في. كان بي أذى من رأسي. فحملت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والقمل يتناثر على وجهي، فقال: [ ص: 362 ] "ما كنت أرى: أن الجهد بلغ منك ما أرى. أتجد شاة؟" فقلت: لا. فنزلت هذه الآية: {ففدية من صيام أو صدقة أو نسك .

قال: صوم ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين: نصف صاع (طعاما) لكل مسكين.

قال: فنزلت في خاصة، وهي لكم عامة
].


(الشرح)

(عن عبد الله بن معقل ، قال: قعدت إلى كعب "رضي الله عنه" وهو في المسجد، فسألته عن هذه الآية: ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فقال كعب "رضي الله عنه": نزلت في. كان بي أذى من رأسي. فحملت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم -، والقمل) بفتح القاف وكسر الميم.

(يتناثر على وجهي، فقال: "ما كنت أرى") بضم الهمزة. أي: أظن (أن الجهد) ، بالفتح: (المشقة).

قال النووي : والضم لغة، في المشقة أيضا. وكذا حكاه عياض عن ابن دريد .

[ ص: 363 ] وقال صاحب (المغني): بالضم: الطاقة. وبالفتح: الكلفة. فيتعين الفتح هنا.

(بلغ منك: ما أرى) . بفتح الهمزة. من (الرؤية).

("أتجد شاة؟" فقلت: لا. فنزلت هذه الآية: ففدية من صيام أو صدقة أو نسك قال: صوم ثلاثة أيام، أو إطعام ستة مساكين: نصف صاع "طعاما" لكل مسكين. قال: فنزلت في خاصة، وهي لكم عامة) .

اتفق العلماء، على القول بظاهر هذا الحديث. إلا ما حكي عن أبي حنيفة ، والثوري : أن (نصف الصاع) لكل مسكين، إنما هو في الحنطة.

فأما التمر، والشعير، وغيرهما: فيجب (صاع) لكل مسكين.

وهذا خلاف نصه -صلى الله عليه وسلم -، في طرق هذا الحديث: "ثلاثة آصع من تمر".

وعن أحمد ؛ أنه لكل مسكين: (مد) من حنطة، أو (نصف صاع) من غيره.

وعن الحسن البصري ، وبعض السلف: أنه يجب إطعام عشرة مساكين، أو صوم عشرة أيام. وهذا ضعيف، منابذ للسنة، مردود.

ومعنى الحديث: أن من احتاج إلى حلق الرأس، لضرر: من قمل، أو مرض، أو نحوهما، فله: حلقه في الإحرام، وعليه الفدية ، للآية الكريمة.

[ ص: 364 ] وبين النبي -صلى الله عليه وسلم -، أن الصيام: (ثلاثة أيام).

والصدقة: ثلاثة آصع لستة مساكين: لكل مسكين نصف صاع.

والنسك: شاة. وهي شاة تجزئ في الأضحية.

ثم إن الآية الكريمة، والأحاديث الواردة في هذا الباب، متفقة على: أنه مخير بين هذه الأنواع الثلاثة. وبه قال أهل العلم.

وأما قوله -صلى الله عليه وسلم - في رواية أخرى: "هل عندك نسك؟" قال: ما أقدر عليه. فأمره أن يصوم... إلخ: فليس المراد أن الصوم لا يجزئ إلا لعادم الهدي. بل هو محمول: على أنه سأل عن النسك. فإن وجده؛ أخبره بأنه: مخير بينه، وبين الصيام، والإطعام. وإن عدمه، فهو مخير بينهما.

التالي السابق


الخدمات العلمية