السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2359 باب في دخول الكعبة ، والصلاة فيها، والدعاء

وقال النووي : (باب: استحباب دخول الكعبة للحاج، وغيره، والصلاة فيها، والدعاء في نواحيها كلها).

وزاد في (المنتقى): (والتبرك بها).

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 84 ج 9 المطبعة المصرية

[عن نافع، ، عن ابن عمر. قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح. فنزل بفناء الكعبة. وأرسل إلى عثمان بن طلحة، فجاء بالمفتح. ففتح الباب. قال: ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم، وبلال ، وأسامة بن زيد، وعثمان بن طلحة. وأمر بالباب فأغلق. فلبثوا فيه مليا. ثم فتح الباب. فقال عبد الله: فبادرت الناس. فتلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجا. وبلال على إثره. فقلت لبلال: هل صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. قلت: أين؟ قال: بين العمودين. تلقاء وجهه.

قال: ونسيت أن أسأله: كم صلى؟
].


[ ص: 413 ] (الشرح)

(عن ابن عمر) رضي الله عنهما، (قال: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح. فنزل بفناء الكعبة ) . بكسر الفاء وبالمد: جانبها وحريمها.

(وأرسل إلى عثمان بن طلحة ، فجاءه بالمفتح) بكسر الميم. وفي الرواية الأخرى: (المفتاح). قال النووي : وهما لغتان.

(ففتح الباب. قال: ثم دخل النبي -صلى الله عليه وسلم -، وبلال ، وأسامة بن زيد ، وعثمان بن طلحة ) .

هذا دليل، على أن: دخوله -صلى الله عليه وسلم - الكعبة ، وصلاته فيها، كان يوم الفتح. وهذا لا خلاف فيه. ولم يكن يوم حجة الوداع. قاله النووي .

وأقول: ورد في حديث عائشة مرفوعا:

( إني دخلت الكعبة ، ووددت: أني لم أكن فعلت. إني أخاف: أن أكون أتعبت أمتي من بعدي ). رواه الخمسة، إلا النسائي . وصححه الترمذي ، وابن خزيمة ، والحاكم .

[ ص: 414 ] وفي هذا دليل: على أن النبي -صلى الله عليه وسلم -، دخل الكعبة في غير عام الفتح. لأن عائشة ، لم تكن معه فيه. إنما كانت معه، في غيره. وهي تقول: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم - من عندي. وهو قرير العين طيب النفس. ثم رجع إلي وهو حزين. فقلت له. فقال: "إني دخلت".. الحديث.

وقد أجاب البعض، عن هذا الحديث بأنه: يحتمل أن يكون قال ذلك لعائشة بالمدينة ، بعد رجوعه من غزوة الفتح.

قال في (النيل): وهو بعيد جدا.

قال: وقد جزم جمع من أهل العلم: أنه لم يدخل، إلا في عام الفتح. وهذا الحديث، يرد عليهم. وقد تقرر: أن النبي -صلى الله عليه وسلم -، لم يدخل البيت في عمرته، كما في حديث ابن أبي أوفى : ( أدخل النبي -صلى الله عليه وسلم - البيت ، في عمرته؟ قال: لا ). متفق عليه. قال: فتعين، أن يكون دخله في حجته. وبذلك جزم البيهقي . انتهى.

قلت: هذا الجزم، إنما يصح متى ثبت دخوله صلى الله عليه وسلم الكعبة ، صريحا. وليس في حديث عائشة المتقدم، ولا في غيره: ذكر الحج ولا العمرة. وهذا يرشدك إلى: أن التأويل المذكور له وجه. وليس بمجرد احتمال بعيد. والله أعلم.

[ ص: 415 ] (وأمر بالباب فأغلق. فلبثوا فيه مليا) أي: طويلا.

(ثم فتح الباب فقال عبد الله: فبادرت الناس فتلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجا. وبلال على إثره. فقلت لبلال: هل صلى فيه رسول الله؟ قال نعم. قلت: أين؟ قال: بين العمودين. تلقاء وجهه) .

المراد بقوله: (هل صلى ؟) : الصلاة المعهودة ، ذات الركوع والسجود.

قال النووي: اختلف العلماء، في الصلاة في الكعبة: إذا صلى متوجها إلى جدار منها، أو إلى الباب وهو مردود ;

فقال الشافعي ، والثوري ، وأبو حنيفة ، وأحمد، والجمهور: تصح فيها صلاة النفل ، وصلاة الفرض.

وقال مالك: النفل المطلق. دون الفرض ، ولا الوتر ، ولا ركعتا الفجر ، ولا ركعتا الطواف.

وقال محمد بن جرير ، وأصبغ المالكي ، وبعض أهل الظاهر: لا تصح فيها صلاة أبدا. لا فريضة ولا نافلة. وحكاه عياض عن ابن عباس أيضا.

ودليل الجمهور: حديث بلال: (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة. وصلى فيها بين العمودين) . وإذا صحت النافلة ، صحت الفريضة ; لأنهما [ ص: 416 ] في الموضع سواء في الاستقبال ، (في حال النزول) . وإنما يختلفان، في الاستقبال ، (في حال السير) في السفر. انتهى.

وأما حديث أسامة: (أنه صلى الله عليه وسلم دعا ، في نواحيها ، ولم يصل) : فسيأتي الجواب عنه.

(قال: ونسيت أن أسأله: كم صلى ؟) هكذا ، ثبت في الصحيحين;

من رواية ابن عمر.

وجاء (في سنن أبي داود) بإسناد فيه ضعف ، عن عبد الرحمن بن صفوان: قال: قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين دخل الكعبة ؟ قال: صلى ركعتين) .

التالي السابق


الخدمات العلمية