السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2259 باب في الإفاضة من عرفة ، والصلاة بالمزدلفة

وقال النووي: (باب الإفاضة من عرفات إلى المزدلفة. واستحباب صلاتي المغرب والعشاء جمعا بالمزدلفة ، في هذه الليلة) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم النووي ص 32-33 ج9 المطبعة المصرية

[عن كريب أنه سأل أسامة بن زيد كيف صنعتم حين ردفت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة؟ فقال: جئنا الشعب، الذي ينيخ الناس فيه للمغرب، فأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته وبال. (وما قال: أهراق الماء) ثم دعا بالوضوء فتوضأ وضوءا ليس بالبالغ فقلت: يا رسول الله! الصلاة. فقال: الصلاة أمامك فركب حتى جئنا المزدلفة فأقام المغرب ثم أناخ الناس في منازلهم ولم يحلوا حتى أقام العشاء الآخرة فصلى ثم حلوا قلت فكيف فعلتم حين [ ص: 511 ] أصبحتم؟ قال: ردفه الفضل بن عباس، وانطلقت أنا في سباق قريش على رجلي .]
(الشرح)

(عن كريب: أنه سأل أسامة بن زيد) رضي الله عنهم ; (كيف صنعتم حين ردفت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة ؟ فقال: جئنا الشعب ، الذي ينيخ الناس فيه للمغرب ، فأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته وبال. " وما قال أهراق الماء ") بفتح الهاء.

فيه: أداء الرواية بحروفها.

وفيه: استعمال صرائح الألفاظ ، التي قد تستبشع ولا يكنى عنها ، إذا دعت الحاجة إلى التصريح: بأن خيف لبس المعنى ، أو اشتباه الألفاظ ، أو غير ذلك.

(ثم دعا بالوضوء ، فتوضأ وضوءا ليس بالبالغ. فقلت: يا رسول الله ! الصلاة. فقال: "الصلاة أمامك" ،. فركب حتى جئنا المزدلفة ، فأقام المغرب. ثم أناخ الناس في منازلهم. ولم يحلوا حتى أقام العشاء الآخرة ، فصلى. ثم حلوا) .

وفي رواية أخرى: (قال: ثم أقيمت الصلاة ، في المغرب ، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ، ثم أقيمت العشاء فصلاها ، ولم يصل بينهما شيئا) .

[ ص: 512 ] وفي أخرى: (أنه صلاهما بإقامة واحدة) .

وقد سبق "في شرح حديث جابر الطويل"، في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم :

أنه أتى المزدلفة ، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين.

قال النووي: وهذه الرواية ، مقدمة على هذه الروايات ، لأن مع جابر زيادة علم. وزيادة الثقة مقبولة. ولأن جابرا اعتنى بالحديث ، ونقل حجة النبي صلى الله عليه وسلم مستقصاة ، فهو أولى بالاعتماد.

قال: وهذا هو الصحيح من مذهبنا: أنه يستحب الأذان للأولى منهما ، ويقيم لكل واحدة إقامة. فيصليهما بأذان وإقامتين.

ويتأول حديث (إقامة واحدة) : أن كل صلاة لها إقامة. ولا بد من هذا ، ليجمع بينه وبين الرواية الأولى ، ورواية جابر. انتهى.

وفي الحديث: دليل على استحباب المبادرة ، بصلاتي المغرب والعشاء ، أول قدومه المزدلفة.

قال النووي: [ ويجوز تأخيرهما ] إلى قبيل طلوع الفجر.

وفيه: أنه لا يضر الفصل بين الصلاتين المجموعتين ، إذا كان الجمع في وقت الثانية ، لقوله: "ثم أناخ الناس في منازلهم".

وأما إذا جمع بينهما في وقت الأولى ، فلا يجوز الفصل بينهما. فإن فصل: بطل الجمع ، ولم تصح الصلاة الثانية إلا في وقتها الأصلي. انتهى. [ ص: 513 ] والجمع بين المغرب والعشاء في وقت العشاء ، في هذه الليلة في المزدلفة:

مجمع عليه. لكن اختلفوا في (حكمه) ;

فمذهب الشافعية: أنه على الاستحباب. فلو صلاها في وقت المغرب ، أو في الطريق ، أو كل واحدة في وقتها: جاز وفاتته الفضيلة.

قال في (السيل الجرار) : إن الأدلة ، قد دلت على: وجوب المبيت بمزدلفة ، وعلى جمع العشاءين بها ، وعلى صلاة الفجر فيها ، وعلى الدفع منها قبل شروق الشمس. فهذه واجبات من واجبات الحج ، وفرائض من فرائضه.

(قلت: فكيف فعلتم حين أصبحتم ؟ قال: ردفه الفضل بن عباس ، وانطلقت أنا في سباق قريش على رجلي) . أي: ماشيا على قدمي غير راكب.

التالي السابق


الخدمات العلمية