السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2270 [ ص: 519 ] باب التغليس بصلاة الصبح، بالمزدلفة

وقال النووي: (باب استحباب زيادة التغليس بصلاة الصبح ، يوم النحر بالمزدلفة ، والمبالغة فيه ، بعد تحقق طلوع الفجر) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم النووي ص 36 - 37 ج 9 المطبعة المصرية

[عن عبد الله بن مسعود : ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة إلا لميقاتها، إلا صلاتين: صلاة المغرب والعشاء بجمع. وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها ].


(الشرح)

عنه معناه: أنه صلى المغرب في وقت العشاء بجمع ، التي هي المزدلفة.

وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها المعتاد. ولكن بعد تحقق طلوع الفجر.

فقوله: قبل وقتها. المراد: قبل وقتها المعتاد ، لا قبل طلوع الفجر.

لأن ذلك ليس بجائز بإجماع المسلمين. فيتعين تأويله على ما ذكرته. قاله النووي.

[ ص: 520 ] وقد ثبت في صحيح البخاري ، في هذا الحديث ، في بعض رواياته: (أن ابن مسعود ، صلى الفجر حين طلع الفجر بالمزدلفة ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، صلى الفجر هذه الساعة) .

وفي رواية: (فلما طلع الفجر قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان لا يصلي هذه الساعة إلا هذه الصلاة ، في هذا المكان ، من هذا اليوم) . والله أعلم.

قال النووي: وفي هذه الروايات كلها ، حجة لأبي حنيفة ، في استحباب الصلاة في آخر الوقت ، في غير هذا اليوم.

ومذهبنا ومذهب الجمهور: استحباب الصلاة في أول الوقت ، في كل الأيام. ولكن في هذا اليوم أشد استحبابا.

قال: وتسن زيادة التبكير في هذا اليوم. والجواب عن هذه الروايات ; معناها: أنه صلى الله عليه وسلم ، كان في غير هذا اليوم ، يتأخر عن أول طلوع الفجر لحظة ، إلى أن يأتيه بلال. وفي هذا اليوم لم يتأخر ، لكثرة المناسك فيه ، فيحتاج إلى المبالغة في التبكير ، ليتسع الوقت لفعل المناسك.

قال: وقد يحتج أصحاب أبي حنيفة (رحمه الله) ، بهذا الحديث: على منع الجمع بين الصلاتين في السفر ، لأن ابن مسعود من ملازمي النبي صلى الله عليه وسلم. وقد أخبر: أنه ما رآه يجمع ، إلا في هذه المسألة.

ومذهبنا ومذهب الجمهور: جواز الجمع في جميع الأسفار المباحة ، التي يجوز فيها القصر. والجواب عن هذا الحديث: أنه مفهوم ، وهم [ ص: 521 ] لا يقولون به. ونحن نقول بالمفهوم ، ولكن إذا عارضه منطوق قدمناه على المفهوم.

وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة: بجواز الجمع. ثم هو متروك الظاهر بالإجماع، في صلاتي الظهر والعصر بعرفات.

انتهى كلام النووي ، وفيه تقييد السفر بالإباحة ، وليس كما ينبغي. لأن دليل القصر في السفر: يشمل كل سفر ، طاعة كان أو معصية.

[ والمحققون غير قائلين بحجية فهم ] الصحابة. والموقوف لا يصلح لمعارضة المرفوع. ومع المثبت زيادة علم ، ينبغي قبوله.

التالي السابق


الخدمات العلمية