السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2283 [ ص: 532 ] باب رمي جمرة العقبة ، من بطن الوادي والتكبير مع كل حصاة

وقال النووي: (باب رمي جمرة العقبة من بطن الوادي ، وتكون مكة عن يساره. ويكبر مع كل حصاة) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم النووي ص 42 - 43 ج والمطبعة المصرية

[وحدثنا منجاب بن الحارث التميمي. أخبرنا ابن مسهر عن الأعمش. قال: سمعت الحجاج بن يوسف يقول وهو يخطب على المنبر ألفوا القرآن كما ألفه جبريل. السورة التي يذكر فيها البقرة والسورة التي يذكر فيها النساء والسورة التي يذكر فيها آل عمران .

قال: فلقيت إبراهيم، فأخبرته بقوله. فسبه وقال: حدثني عبد الرحمن بن يزيد، أنه كان مع عبد الله بن مسعود، فأتى جمرة العقبة، فاستبطن الوادي، فاستعرضها، فرماها من بطن الوادي: بسبع حصيات. يكبر مع كل حصاة. قال فقلت يا أبا عبد الرحمن! إن الناس يرمونها من فوقها.

فقال: هذا " والذي لا إله غيره!"
مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة
.

وفي رواية ابن أبي زائدة وسفيان عن الأعمش قال سمعت الحجاج [ ص: 533 ] يقول لا تقولوا سورة البقرة واقتصا الحديث بمثل حديث ابن مسهر .]
(الشرح)

(عن الأعمش قال: سمعت الحجاج بن يوسف يقول وهو يخطب على المنبر : ألفوا القرآن كما ألفه جبريل. السورة التي يذكر فيها البقرة. والسورة التي يذكر فيها النساء. والسورة التي يذكر فيها آل عمران. قال: فلقيت إبراهيم فأخبرته بقوله. فسبه) .

قال عياض: إن كان الحجاج أراد بقوله: (كما ألفه جبريل) : تأليف الآي في كل سورة ونظمها ، على ما هي عليه الآن في المصحف ، فهو إجماع المسلمين. وأجمعوا على أن ذلك ، تأليف النبي صلى الله عليه وسلم .

وإن كان يريد: تأليف السور ; بعضها في إثر بعض ، فهو قول بعض الفقهاء والقراء. وخالفهم المحققون ، وقالوا: بل هو اجتهاد من الأئمة ; وليس بتوقيف.

قال: وتقديمه هنا: (النساء) على (آل عمران) : دليل على أنه لم يرد إلا نظم الآي: لأن الحجاج إنما كان يتبع مصحف عثمان " رضي الله عنه"، ولا يخالفه.

[ ص: 534 ] والظاهر: أنه أراد ترتيب الآي ، لا ترتيب السور. انتهى.

(وقال: حدثني عبد الرحمن بن يزيد، أنه كان مع عبد الله بن مسعود. فأتى "جمرة العقبة " ، فاستبطن الوادي ، فاستعرضها ، فرماها من بطن الوادي بسبع حصيات. يكبر مع كل حصاة. قال. فقلت: يا أبا عبد الرحمن ! إن الناس يرمونها من فوقها. فقال: هذا " والذي لا إله غيره ! " مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة) .

فيه: إثبات رمي جمرة العقبة يوم النحر ، وهو مجمع عليه. وهو واجب.

قال النووي: وهو أحد أسباب التحلل. وهي ثلاثة: رميها يوم النحر; فطواف الإفاضة مع سعي " إن لم يكن سعى ". والثالث: الحلق " عند من يقول: إنه نسك ". وهو الصحيح.

فلو ترك رمي (جمرة العقبة) ، حتى فاتت أيام التشريق ، فحجه صحيح وعليه دم. هذا قول الشافعي والجمهور.

وقال أصحاب مالك: الرمي ركن ، لا يصح الحج إلا به.

وحكى ابن جرير عن بعض الناس: أن رمي الجمار إنما شرع ، حفظا للتكبير. ولو تركه وكبر أجزأه. ونحوه عن عائشة.

والصحيح المشهور: ما تقدم.

قال في (نيل الأوطار) : والحق أنه واجب ، لما قدمنا من أن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم ، بيان لمجمل واجب القرآن. وهو قوله تعالى: ( [ ص: 535 ] ولله على الناس حج البيت ) . وقوله صلى الله عليه وسلم : (خذوا عني مناسككم) . انتهى.

وفيه: كون الرمي ; سبع حصيات.

قال النووي: وهو مجمع عليه.

وفيه: استحباب التكبير مع كل حصاة.

قال: وهو مذهبنا ، ومذهب مالك ، والعلماء كافة.

قال عياض: وأجمعوا على أنه لو ترك التكبير ، لا شيء عليه.

وفيه: استحباب كون الرمي ، من بطن الوادي. فيستحب: أن يقف تحتها في: (بطن الوادي) ، فيجعل مكة عن يساره ، ومنى عن يمينه ، ويستقبل العقبة والجمرة بوجهه ، ويرميها بالحصيات السبع.

قال النووي: وهذا هو الصحيح في مذهبنا. وبه قال جمهور العلماء.

قال: وأجمعوا على أنه: من حيث رماها جاز. سواء استقبلها ، أو جعلها عن يمينه ، أو عن يساره ، أو رماها من فوقها ، أو أسفلها ، أو وقف في وسطها ورماها.

وأما رمي باقي الجمرات في أيام التشريق ، فيستحب من فوقها.

وخص (سورة البقرة) بالذكر ، لأن معظم أحكام الحج فيها.

[ ص: 536 ] قال في (السيل الجرار) : وأما اشتراط كونها: طاهرة مباحة ، فللأدلة الواردة في المنع: من استعمال النجاسات ، وملابستها. وما ورد في تحريم مال الغير إلا بإذنه.

وأما كونها غير مستعملة ، فلا يدل عليه دليل. والأصل الجواز.

والدليل على المانع. انتهى.

التالي السابق


الخدمات العلمية