السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2340 [ ص: 565 ] باب البعث بالهدي وتقليدها ، وهو حلال

وقال النووي: (باب استحباب بعث الهدي إلى الحرم ، لمن لا يريد الذهاب بنفسه. واستحباب تقليده ، وفتل القلائد ، وأن باعثه لا يصير محرما ، ولا يحرم عليه شيء بسبب ذلك) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم النووي ص 72 - 73 ج9 المطبعة المصرية

[حدثنا يحيى بن يحيى. قال قرأت على مالك، عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة بنت عبد الرحمن، أنها أخبرته: أن ابن زياد كتب إلى عائشة، أن عبد الله بن عباس قال من أهدى هديا حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر الهدي وقد بعثت بهديي.

فاكتبي إلي بأمرك.

قالت عمرة: قالت عائشة: ليس كما قال ابن عباس، أنا فتلت قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ثم قلدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ثم بعث بها مع أبي، فلم يحرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء أحله الله له حتى نحر الهدي .


(الشرح)

(عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عمرة بنت عبد الرحمن ; [ ص: 566 ] أنها أخبرته ; أن ابن زياد) .

هكذا وقع في جميع نسخ صحيح مسلم: (أن ابن زياد) . قال أبو علي الغساني ، والمازري ، والقاضي ، وجميع المتكلمين على صحيح مسلم: هذا غلط.

وصوابه: (أن زياد بن أبي سفيان) . وهو المعروف (بزياد بن أبيه) .

وهكذا وقع على الصواب ; في صحيح البخاري ، والموطإ ، وسنن أبي داود ، وغيرها من الكتب المعتمدة. ولأن ابن زياد ، لم يدرك عائشة. والله أعلم.

(كتب إلى عائشة ، أن عبد الله بن عباس قال: من أهدى هديا ، حرم عليه ما يحرم على الحاج ، حتى ينحر الهدي. وقد بعثت بهديي ، فاكتبي إلي بأمرك. قالت عمرة: قالت عائشة: ليس كما قال ابن عباس. أنا فتلت قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ، ثم قلدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ، ثم بعث بها مع أبي) تعني: أبا بكر الصديق.

فيه: دليل على استحباب بعث الهدي إلى الحرم ، وأن من لم يذهب إليه ، يستحب له بعثه مع غيره. واستحباب تقليده ، وإشعاره ، كما جاء في الرواية الأخرى بعد هذه عند مسلم.

قال النووي: مذهب الجمهور: استحباب الإشعار ، والتقليد ، في الإبل والبقر.

[ ص: 567 ] وأما الغنم ، فيستحب فيها التقليد وحده.

وفيه: استحباب فتل القلائد. انتهى. وزاد البخاري في رواية: (من عهن كان عندي) . ولفظ مسلم: (عندنا) .

وفيه: رد على من كره القلائد ، من الأوبار ، واختار أن تكون من نبات الأرض ، وهو منقول عن ربيعة ومالك.

وقد ترجم البخاري: (باب القلائد من العهن ، وهو الصوف) .

(فلم يحرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء أحله الله له ، حتى نحر الهدي) .

وفي رواية أخرى: (يبعث بها. وما يمسك عن شيء مما يمسك عنه المحرم ، حتى ينحر هديه) .

وفي أخرى: (ثم يقيم ، لا يجتنب شيئا مما يجتنب المحرم) .

وفي رواية أخرى: (ثم لا يعتزل شيئا ولا يتركه) .

وفي أخرى: (وأقام بالمدينة: فما حرم عليه شيء كان له حلا) .

وفي رواية: (ثم لا يمسك عن شيء ، لا يمسك عنه الحلال) . [ ص: 568 ] وفيه: أن من بعث هديه لا يصير محرما ، ولا يحرم عليه شيء ، مما يحرم على المحرم.

قال النووي: وهذا مذهبنا ، ومذهب العلماء كافة ، إلا حكاية رويت: عن ابن عباس ، وابن عمر ، وعطاء ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير.

وحكاها الخطابي عن أهل الرأي أيضا: أنه إذا فعله: لزمه اجتناب ما يجتنبه المحرم ، ولا يصير محرما من غير نية الإحرام.

قال: والصحيح ما قاله الجمهور ، لهذه الأحاديث الصحيحة.

قال في (الفتح) : وهو خطأ عنهم. أي: عن أصحاب الرأي.

قال: وليس في قول ابن عباس ، ولا قول غيره من الصحابة ، حجة:

ولاسيما إذا عارض الثابت عنه صلى الله عليه وسلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية