السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2342 باب ركوب البدنة

وقال النووي: (باب جواز ركوب البدنة المهداة ، لمن احتاج إليها) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم النووي ص 73- 74 ج9 المطبعة المصرية

[عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسوق بدنة. فقال: "اركبها" قال: يا رسول الله! إنها بدنة. فقال: "اركبها. ويلك" في الثانية، أو في الثالثة .

[ ص: 570 ] وفي رواية المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي بهذا الإسناد (وقال: بينما رجل يسوق بدنة مقلدة) .].
(الشرح)

(عن أبي هريرة) رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا) .

قال الحافظ: لم أقف على اسمه ، بعد طول البحث.

(يسوق بدنة. فقال: " اركبها " قال: يا رسول الله ! إنها بدنة.

فقال: " اركبها. ويلك ! " في الثانية ، أو في الثالثة) .

أي: بدنة مهداة إلى البيت الحرام ، ولو كان مراده: الإخبار عن كونها (بدنة) ، لم يكن الجواب مفيدا. لأن كونها من الإبل معلوم.

فالظاهر: أن الرجل ظن أنه: خفي على النبي صلى الله عليه وسلم كونها هديا. فقال: إنها بدنة.

قال في (الفتح) : والحق أنه لم يخف ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم ، لكونها كانت مقلدة. ولهذا قال لما زاد في مراجعته: "ويلك ". انتهى.

وفي الرواية الأخرى: (ويلك ! اركبها. ويلك ! اركبها) .

قال النووي: هذه الكلمة ، أصلها لمن وقع في هلكة. فقيل: لأنه كان محتاجا ، قد وقع في تعب وجهد.

[ ص: 571 ] وقيل: هي كلمة ، تجري على اللسان ، وتستعمل من غير قصد إلى ما وضعت له أولا ، بل تدعم بها العرب كلامها ، كقولهم: "لا أم له ". (لا أب له) . (تربت يداه) . (قاتله الله) . (ما أشجعه !) . (وعقرى حلقى) . وما أشبه ذلك. انتهى.

وهذا الحديث ، يدل على جواز ركوب الهدي ، من غير فرق بين ما كان منه واجبا ، أو تطوعا ، لتركه من الاستفصال.

وبه قال عروة بن الزبير ، ونسبه ابن المنذر إلى أحمد وإسحاق. وبه قال أهل الظاهر. وجزم به النووي " رحمه الله " ، وجماعة من أصحاب الشافعي ; كالقفال ، والماوردي.

وحكى ابن عبد البر: عن الشافعي ، ومالك ، وأبي حنيفة ، وأكثر الفقهاء: كراهة ركوبه لغير حاجة.

وحكاه الترمذي أيضا: عن أحمد ، وإسحاق ، والشافعي.

وقيل: يركب للضرورة. وإذا اضطر، ركوبا غير فادح.

ويدل على اعتبار الضرورة ، حديث جابر: (اركبها بالمعروف ، إذا ألجئت إليها) .

وعن بعض أهل الظاهر: وجوب الركوب ، تمسكا بظاهر الأمر ، [ ص: 572 ] ولمخالفة ما كانوا عليه في الجاهلية: من البحيرة والسائبة.

واختلف من أجاز الركوب: هل يجوز أن يحمل عليها متاعه ؟ فمنعه مالك ، وأجازه الجمهور مع حمل الغير عليه.

ونقل عياض: الإجماع على أنه لا يؤجرها.

قال مالك: لا يشرب من لبنه ، فإن شرب لم يغرم. وقالت الحنفية والشافعية: يتصدق به ، فإن أكله تصدق بثمنه. والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية