السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2197 باب كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم؟

وهو في النووي في الباب المتقدم.

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم النووي ص 234 - 235 ج 8 المطبعة المصرية

[حدثنا قتادة أن أنسا (رضي الله عنه) أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، اعتمر أربع عمر، كلهن في ذي القعدة، (إلا التي مع حجته) : عمرة من الحديبية أو (زمن الحديبية) في ذي القعدة وعمرة من العام [ ص: 616 ] المقبل (في ذي القعدة) . وعمرة من جعرانة (حيث قسم غنائم حنين) في ذي القعدة. وعمرة مع حجته .

وفي رواية ابن عمر (أربع عمر إحداهن في رجب) ، وأنكرت ذلك عائشة ، وقالت : لم يعتمر النبي صلى الله عليه وسلم قط في رجب .


(الشرح)

فالحاصل من رواية أنس وابن عمر: اتفاقهما على أربع عمر ; وكانت إحداهن: في ذي القعدة (عام الحديبية ، سنة ست من الهجرة ، وصدوا فيها: فتحللوا ، وحسبت لهم عمرة.

والثانية: في ذي القعدة ، وهي سنة سبع ، وهي عمرة القضاء.

والثالثة: في ذي القعدة ، سنة ثمان ، وهي عام الفتح.

والرابعة: مع حجته ، وكان إحرامها في ذي القعدة ، وأعمالها في ذي الحجة.

وأما عمرته صلى الله عليه وسلم في رجب ، فقال أهل العلم: إنه اشتبه على ابن عمر ، أو نسي ، أو شك. ولهذا سكت عن الإنكار على عائشة (رضي الله عنها) ; ومراجعتها بالكلام.

قال النووي: وهذا هو الصواب ، الذي يتعين المصير إليه.

[ ص: 617 ] قال عياض: حديث أنس: أن الرابعة كانت مع حجته ، يدل على أنه كان قارنا.

قال: وقد رده كثير من الصحابة.

قال: وقد قلنا: إن الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مفردا، وهذا يرد قول أنس. وردت عائشة قول ابن عمر ، فحصل: أن الصحيح ثلاث عمر.

قال: ولا يعلم للنبي صلى الله عليه وسلم اعتمار ، إلا ما ذكرناه.

قال: واعتمد مالك في الموطإ على أنهن: ثلاث عمر. انتهى.

قال النووي: هو قول ضعيف ، بل باطل. والصواب: أنه صلى الله عليه وسلم ، اعتمر أربع عمر ، كما صرح به أنس ، وابن عمر ، وجزما الرواية به ، فلا يجوز رد روايتهما بغير جازم.

وأما قوله: كان صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع مفردا لا قارنا ، فليس كما قال. بل الصواب: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مفردا في أول إحرامه ، ثم أحرم بالعمرة فصار قارنا.

قال: ولا بد من هذا التأويل. انتهى.

والمسألة سبقت في موضعها مفصلة ، فراجعها.

[ ص: 618 ] قال أهل العلم: وإنما اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم هذه العمر في ذي القعدة ، لفضيلة هذا الشهر ، ولمخالفة الجاهلية في ذلك ، فإنهم كانوا يرونه: من أفجر الفجور ، كما سبق. ففعله صلى الله عليه وسلم مرات في هذه الأشهر ، ليكون أبلغ في بيان جوازه فيها ، وأبلغ في إبطال ما كانت الجاهلية عليه. والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية