السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2536 باب لا يخطب على خطبة أخيه

وقال النووي: (باب تحريم الخطبة على خطبة أخيه، حتى يأذن أو يترك ).

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص199 ج9 المطبعة المصرية

[عن عبد الرحمن بن شماسة ; أنه سمع "عقبة بن عامر" على المنبر يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المؤمن أخو المؤمن. فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه، حتى يذر" . ].


(الشرح)

(عن عبد الرحمن بن شماسة ; أنه سمع "عقبة بن عامر" ) رضي الله عنه (على المنبر يقول: إن رسول الله ؟ قال: "المؤمن أخو المؤمن. فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه" ). يأتي شرحها ; "في كتاب البيوع".

[ ص: 152 ] (ولا يخطب على خطبة أخيه ) بكسر الخاء.

وأما "الخطبة" في الجمعة، والعيد، والحج، وغير ذلك، وبين يدي عقد النكاح: فبضمها.

(حتى يذر ).

وفي الباب: أحاديث بألفاظ، وطرق، وهي ظاهرة في تحريم الخطبة على خطبة أخيه.

قال النووي: وأجمعوا على تحريمها، إذا كان قد صرح للخاطب بالإجابة، ولم يأذن ولم يترك. فلو خطب على خطبته "والحالة هذه"، عصى، وصح النكاح ولم يفسخ. هذا مذهب الجمهور، ومذهب الشافعية.

وقال داود: يفسخ النكاح.

وعن مالك: روايتان كالمذهبين.

قال: واتفقوا على أنه، إذا ترك الخطبة رغبة عنها، وأذن فيها: جازت الخطبة على خطبته. وقد صرح بذلك في هذه الأحاديث.

قال الخطابي: ظاهر قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "على خطبة أخيه"، اختصاص التحريم، بما إذا كان الخاطب مسلما. فإن كان كافرا، فلا تحريم، وبه قال الأوزاعي وهو الظاهر.

وقال الجمهور: تحرم على خطبة الكافر أيضا.

[ ص: 153 ] قال: ولهم أن يجيبوا: بأن التقييد "بأخيه" خرج على الغالب، فلا يكون له مفهوم يعمل به. كما في قوله تعالى: ولا تقتلوا أولادكم من إملاق ، وقوله تعالى: وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم ، ونظائره.

قال: والصحيح الذي تقتضيه الأحاديث عمومها: أنه لا فرق بين الخاطب الفاسق وغيره.

وقال ابن القاسم المالكي: يجوز على خطبة الفاسق. انتهى.

قلت: والأول أولى. وقد صرحت الأحاديث الصحيحة الثابتة، في الصحيحين وغيرهما، بالنهي عن الخطبة على خطبة أخيه إلى غاية، هي: حتى يذر.

وفي رواية: "حتى ينكح أو يترك".

وأخرى بلفظ: "حتى يترك الخاطب قبله: أو يأذن له".

فوقوع الخطبة منه، يقتضي تحريم خطبة الآخر، إلى هذه الغاية.

وبمجرد وقوع الخطبة الأولى، يحصل التحريم، سواء علم الآخر بالرضاء من المرأة، أو لم يعلم. لكن إذا انتهى الحال إلى عدم وقوع [ ص: 154 ] الرضاء منها، فتلك خطبة كأنها لم تكن، لعروض مانع من ثبوتها، وهو عدم الرضاء.

ولا يقال: إنها لم تحرم الخطبة على الآخر، إلا إذا علم بالرضا. بل تحرم عليه، ما لم يعلم بعدم الرضا، عملا بالنهي وتوقفا على حكمه.

ولا منافاة بين هذه الأحاديث، وبين ما وقع منه صلى الله عليه وآله وسلم من المشورة على "فاطمة" بنت قيس: بأن تنكح أسامة بن زيد، بعد أن خطبها أبو جهم ومعاوية، لأنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يخطبها لأسامة. بل أشار عليها، بعد أن استشارته. وبين لها: أن معاوية صعلوك. وأن أبا جهم لا يضع عصاه عن عاتقه. والأمر إليها في ذلك.

وفي رواية أخرى "عند مسلم" بلفظ: "فأشار عليها النبي صلى الله عليه وسلم به". وهذا يوضح لك عدم الاختلاف، بين هذا الحديث وبين أحاديث تحريم الخطبة على الخطبة.

التالي السابق


الخدمات العلمية