السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2553 [ ص: 155 ] باب النظر إلى المرأة، لمن يريد التزويج

وقال النووي: (باب ندب من أراد نكاح امرأة: إلى أن ينظر إلى وجهها وكفيها، قبل خطبتها ).

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص210-211 ج9 المطبعة المصرية

[عن أبي هريرة، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني تزوجت امرأة من الأنصار. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "هل نظرت إليها ؟ فإن في عيون الأنصار شيئا". قال: قد نظرت إليها. قال: "على كم تزوجتها ؟ " قال: على أربع أواق. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "على أربع أواق ؟ كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل. ما عندنا ما نعطيك. ولكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه". قال فبعث بعثا إلى بني عبس، بعث ذلك الرجل فيهم . ].


(الشرح)

(عن أبي هريرة ) رضي الله عنه، (قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني تزوجت امرأة من الأنصار. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "هل نظرت إليها ؟ فإن في عيون الأنصار شيئا" ). أي: صغرا.

وقيل: زرقة.

وقيل: عمش.

[ ص: 156 ] قال في الفتح: والأول وقع في رواية أبي عوانة، في "مستخرجه"، فهو المعتمد. انتهى.

وفي هذا ; دلالة لجواز ذكر مثل هذا للنصيحة.

(قال: قد نظرت إليها. قال: "على كم تزوجتها ؟ " قال: على أربع أواق. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "على أربع أواق ؟ كأنما تنحتون" ) بكسر الحاء، أي: تقشرون وتقطعون (الفضة من عرض هذا الجبل ). بضم العين وإسكان الراء: هو الجانب والناحية.

ومعناه: كراهة إكثار المهر، بالنسبة إلى حال الزوج. ("ما عندنا ما نعطيك. ولكن عسى أن نبعثك في بعث تصيب منه". قال: فبعث بعثا إلى بني عبس، بعث ذلك الرجل فيهم ).

قال في شرح المنتقى: أحاديث الباب، فيها دليل على أنه: لا بأس بنظر الرجل إلى المرأة، التي يريد أن يتزوجها. والأمر المذكور في حديث أبي هريرة، وحديث المغيرة، وحديث جابر: للإباحة بقرينة قوله في حديث أبي حميد: "فلا جناح عليه". وفي حديث محمد بن مسلمة: "لا بأس به".

قال: وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء. وحكى عياض: كراهته، وهو خطأ مخالف للأدلة المذكورة، ولأقوال أهل العلم. انتهى.

وقد وقع الخلاف، في الموضع الذي يجوز النظر إليه من المخطوبة ;

[ ص: 157 ] فذهب الأكثر: إلى أنه يجوز إلى الوجه والكفين فقط، لأنهما ليسا بعورة. ولأنه يستدل بالوجه على الجمال أو ضده. وبالكفين على خصوبة البدن أو عدمها. وبه قالت الشافعية، وهو مذهب الأكثرين.

وقال داود: يجوز النظر إلى جميع البدن.

قال النووي: وهذا خطأ ظاهر، منابذ لأصول السنة والإجماع.

وقال الأوزاعي: ينظر إلى مواضع اللحم.

وظاهر الأحاديث: أنه يجوز له النظر إليها، سواء كان ذلك بإذنها أم لا.

وروي عن مالك: اعتبار الإذن.

قال النووي: وهذا ضعيف، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أذن في ذلك مطلقا، ولم يشترط استئذانها.

ولأنها تستحي" غالبا من الإذن.

ولأن في ذلك تغريرا، فربما رآها فلم تعجبه، فيتركها فتنكسر وتتأذى.

ولهذا قال الشافعية: يستحب أن يكون نظره إليها قبل الخطبة، حتى إن كرهها تركها من غير إيذاء. بخلاف ما إذا تركها بعد الخطبة.

قال: بل له ذلك في غفلتها، ومن غير تقدم إعلام.

[ ص: 158 ] وقال مالك: أكره نظره في غفلتها، مخافة من وقوع نظره على عورة.

قال النووي: وإذا لم يمكنه النظر، استحب أن يبعث امرأة يثق بها، تنظر إليها وتخبره. ويكون ذلك قبل الخطبة. والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية