السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2592 باب في قوله تعالى: { نساؤكم حرث لكم }

وقال النووي : (باب جواز جماعه امرأته في قبلها، من قدامها ومن ورائها، من غير تعرض للدبر) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 6 جـ 10 المطبعة المصرية

[(عن ابن المنكدر سمع جابرا ) (يقول كانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها، كان الولد أحول. فنزلت نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " )

وفي رواية " إن شاء مجبية وإن شاء غير مجبية، غير أن ذلك في صمام واحد "].
[ ص: 259 ] (الشرح)

" مجبية" بضم الميم وفتح الجيم، وبكسر الباء المشددة ثم ياء، بمعنى:

مكبوبة على وجهها.

"وصمام"، بكسر الصاد، بمعنى: ثقب. والمراد به: القبل.

قال العلماء: المراد بالحرث: موضع الزرع من المرأة. وهو قبلها الذي يزرع فيه المني، لابتغاء الولد.

ففيه: إباحة وطئها في قبلها. إن شاء من بين يديها. وإن شاء من ورائها. وإن شاء مكبوبة.

وأما الدبر; فليس هو بحرث، ولا موضع زرع. ومعنى "أنى": كيف.

قال النووي : اتفق العلماء الذين يعتد بهم، على تحريم وطء المرأة في دبرها: حائضا كانت أو طاهرا، لأحاديث كثيرة مشهورة. كحديث:

"ملعون من أتى امرأة، في دبرها".

قال: قال أصحابنا: لا يحل الوطء في الدبر، في شيء من الآدميين، ولا غيرهم من الحيوان، في حال من الأحوال. انتهى.

[ ص: 260 ] وأقول: حديث "ملعون.. الخ": رواه أحمد، وأبو داود، عن أبي هريرة

وفي لفظ: "لا ينظر الله إلى رجل، جامع امرأته في دبرها".

رواه أحمد، وابن ماجه.

وفي حديث خزيمة بن ثابت: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، نهى أن يأتي الرجل امرأته في دبرها". رواه أحمد، وابن ماجه

وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال، في الذي يأتي امرأته في دبرها: "هي اللوطية الصغرى".) رواه أحمد

وفي الباب أحاديث، ذكرها في المنتقى وغيره.

وقد استدل بهذه الأحاديث، من قال: إنه يحرم إتيان النساء في أدبارهن. وقد ذهب إلى ذلك: جمهور أهل العلم. [ ص: 261 ] وقال الشافعي: لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تحريمه، ولا في تحليله: شيء. والقياس: أنه حلال.

وأجاب عن آية الحرث: بجواز وطئها بين ساقيها، أو في أعكانها

وقال: أفي ذلك حرث؟

قال في النيل: من ادعى تحريم الإتيان في محل مخصوص، طولب بدليل يخص عموم هذه الآية.

قال: ولا شك أن الأحاديث المذكورة، القاضية بتحريم إتيان النساء في أدبارهن: يقوي بعضها بعضا. فتنتهض لتخصيص "الدبر" من ذلك العموم.

وأيضا، "الدبر" في أصل اللغة: اسم لخلاف الوجه. ولا اختصاص له بالمخرج. كما قال تعالى: { ومن يولهم يومئذ دبره } ، فلا يبعد حمل ما ورد من الأدبار، على الاستمتاع بين الإليتين.

وأيضا، قد حرم الله الوطء في الفرج لأجل الأذى، فما الظن بالحش، الذي هو موضع الأذى اللازم، مع زيادة المفسدة بالتعرض لانقطاع النسل، الذي هو العلة الغائية في مشروعية النكاح، [ ص: 262 ] والذريعة القريبة جدا، الحاملة على الانتقال من ذلك إلى أدبار المرد) ؟. وقد ذكر ابن القيم لذلك: مفاسد دينية، ودنيوية، فليراجع.

قال: وكفى مناديا على خساسته: أنه لا يرضى أحد أن ينسب إليه، ولا إلى إمامه: تجويز ذلك، إلا ما كان من الرافضة. مع أنه مكروه عندهم، وأوجبوا للزوجة فيه: عشرة دنانير. عوض النطفة. وهذه المسألة، هي إحدى مسائلهم، التي شذوا بها.

قال الحاكم: لعل الشافعي كان يقول ذلك في القديم. فأما الجديد، فالمشهور: أنه حرمه.

وقد روي الجواز أيضا، عن مالك: روى ذلك عنه أهل مصر، وأهل المغرب.

وأصحاب مالك العراقيون، لم يثبتوا هذه الرواية. وقد أفتى متأخرو أصحابه بتحريمه. انتهى حاصله.

وقد اختلف في سبب نزول آية الحرث، فإن شئت الاطلاع عليه، فارجع إلى شرح المنتقى.

التالي السابق


الخدمات العلمية