السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2650 باب المقام عند البكر والثيب

وقال النووي : (باب قدر ما تستحقه البكر والثيب، من إقامة الزوج عندها، عقب الزفاف) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 43 جـ 10 المطبعة المصرية

[عن أم سلمة أن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" لما تزوج أم سلمة أقام عندها ثلاثا، وقال: " إنه ليس بك على أهلك هوان، إن شئت سبعت لك، وإن سبعت لك سبعت لنسائي " ].


(الشرح)

(عن أم سلمة) رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم لما تزوج أم سلمة) . [ ص: 296 ] وفي رواية أخرى: (عن أبي بكر بن عبد الرحمن، أن النبي (صلى الله عليه) وآله (وسلم حين تزوج) .

وهذا الحديث مما استدركه الدارقطني على مسلم.

قال النووي : وهذا فاسد. لأن مسلما "رحمه الله"، قد بين اختلاف الرواة في وصله وإرساله. ومذهبه ومذهب الفقهاء والأصوليين ومحققي المحدثين: أن الحديث إذا روي متصلا ومرسلا حكم بالاتصال، ووجب العمل به، لأنها زيادة ثقة، وهي مقبولة عند الجماهير. فلا يصح استدراك الدارقطني. والله أعلم.

(أقام عندها ثلاثا وقال: "إنه ليس بك على أهلك هوان") . أي: لا يلحقك هوان، ولا يضيع من حقك شيء، بل تأخذينه كاملا.

قال عياض : المراد بأهلك: نفسه صلى الله عليه وآله وسلم. أي:

لا أفعل فعلا به هوانك علي. انتهى.

ثم بين حقها فقال: (إن شئت سبعت لك. وإن سبعت لك، سبعت لنسائي) . [ ص: 297 ] وفي رواية: (وإن شئت ثلثت ثم درت. قالت: ثلث) .

وفي رواية: (دخل عليها، فلما أراد أن يخرج أخذت بثوبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن شئت زدتك وحاسبتك: للبكر سبع، وللثيب ثلاث") .

يعني: أنها مخيرة بين ثلاث بلا قضاء. وبين سبع ويقضي لباقي نسائه. لأن في الثلاث مزية بعدم القضاء. وفي السبع مزية لها بتواليها، وكمال الأنس فيها. فاختارت الثلاث لكونها لا تقضى، وليقرب عوده إليها. فإنه يطوف عليهن ليلة ليلة، ثم يأتيها.

ولو اختارت سبعا، طاف بعد ذلك عليهن: سبعا، سبعا. فطالت غيبته عنها.

قال النووي : وفي هذا الحديث: استحباب ملاطفة الأهل والعيال وغيرهم. وتقريب الحق من فهم المخاطب، ليرجع إليه.

وفيه: العدل بين الزوجات.

وفيه: أن حق الزفاف ثابت للمزفوفة. وتقدم به على غيرها: فإن [ ص: 298 ] كانت بكرا، كان لها سبع ليال بأيامها بلا قضاء. وإن كانت ثيبا، كان لها الخيار: إن شاءت سبعا، ويقضي السبع لباقي النساء. وإن شاءت ثلاثا، ولا يقضي.

قال: هذا مذهب الشافعي وأصحابه وموافقيه. وهو الذي ثبتت فيه هذه الأحاديث الصحيحة.

وممن قال به: مالك، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وابن جرير، وجمهور العلماء.

وقال أبو حنيفة، والحكم، وحماد: يجب قضاء الجميع في الثيب والبكر. واستدلوا بالظواهر الواردة: بالعدل بين الزوجات.

وحجة الشافعي: هذه الأحاديث، وهي مخصصة للظواهر العامة. انتهى.

قلت: حديث الباب أخرجه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه، أيضا.

ورواه الدارقطني بلفظ: (إن شئت أقمت عندك ثلاثا خالصة لك. وإن شئت سبعت لك، وسبعت لنسائي. قالت: تقيم معي ثلاثا خالصة. وفي سنده: الواقدي. وهو ضعيف جدا.

وفي الباب أحاديث. وهي تدل على أن البكر تؤثر بالسبع، والثيب بالثلاث.

التالي السابق


الخدمات العلمية