السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2491 [ ص: 309 ] باب: من رأى امرأة، فليأت أهله يرد ما في نفسه

وقال النووي : (باب ندب من رأى امرأة فوقعت في نفسه: إلى أن يأتي امرأته أو جاريته، فيواقعها) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 177 جـ 9 المطبعة المصرية

[عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة فأتى امرأته زينب وهي تمعس منيئة لها فقضى حاجته، ثم خرج إلى أصحابه، فقال: "إن المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان، فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله، فإن ذلك يرد ما في نفسه" ]
(الشرح)

(عن جابر) بن عبد الله "رضي الله عنهما"; (أن رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم رأى امرأة، فأتى امرأته زينب، وهي تمعس منيئة لها، فقضى حاجته) .

قال أهل اللغة: المعس: الدلك.

[ ص: 310 ] والمنيئة "على وزن صغيرة، وكبيرة، وذبيحة". قالوا: هي الجلد، أول ما يوضع في الدباغ.

وقال الكسائي: يسمى "منيئة"، مادام في الدباغ.

وقال أبو عبيدة: هو في أول الدباغ: "منيئة"، ثم "أفيق" بفتح الهمزة وكسر الفاء. وجمعه: "أفق". كقفير، وقفر. ثم "أديم". والله أعلم.

(ثم خرج إلى أصحابه فقال: "إن المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان") .

معناه: الإشارة إلى الهوى، والدعاء إلى الفتنة بها. لما جعله الله تعالى في نفوس الرجال: من الميل إلى النساء، والالتذاذ بنظرهن وما يتعلق بهن. فهي شبيهة بالشيطان في دعائه إلى الشر، بوسوسته وتزيينه له.

ويستنبط من هذا: أنه ينبغي لها: أن لا تخرج بين الرجال إلا لضرورة. وأنه ينبغي للرجل: أن يغض النظر عن ثيابها، ويعرض عنها مطلقا.

(فإذا أبصر أحدكم امرأة، فليأت أهله، فإن ذلك يرد ما في نفسه) .

وفي الرواية الأخرى: "إذا أحدكم أعجبته المرأة، فوقعت في قلبه، [ ص: 311 ] فليعمد إلى امرأته فليواقعها. فإن ذلك يرد ما في نفسه". وهذه الرواية الثانية، مبينة للأولى.

ومعنى الحديث: أنه يستحب لمن رأى امرأة، فتحركت شهوته: أن يأتي امرأته، أو جاريته إن كانت له: فليواقعها، ليدفع شهوته، وتسكن نفسه، ويجمع قلبه على ما هو بصدده.

قال النووي : قال العلماء: إنما فعل هذا بيانا لهم، وإرشادا لما ينبغي أن يفعلوه. فعلمهم بفعله وقوله.

وفيه: أنه لا بأس أن يطلب الرجل امرأته إلى الوقاع، في النهار وغيره. وإن كانت مشتغلة بما يمكن تركه. لأنه ربما غلبت على الرجل "شهوة" يتضرر بالتأخير في بدنه، أو في قلبه وبصره. والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية