السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2671 [ ص: 312 ] باب في مداراة النساء، والوصية بهن

وقال النووي : (باب الوصية بالنساء) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 57 - 58 جـ 10 المطبعة المصرية

[عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فإذا شهد أمرا فليتكلم بخير أو ليسكت، واستوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، إن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج، استوصوا بالنساء خيرا". ]


(الشرح)

(عن أبي هريرة) رضي الله عنه، (عن النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فإذا شهد أمرا فليتكلم بخير أو ليسكت") .

فيه: أنه ينبغي للإنسان، أن لا يتكلم إلا بخير.

فأما الكلام المباح الذي لا فائدة فيه، فيمسك عنه، مخافة من انجراره إلى حرام أو مكروه.

[ ص: 313 ] (واستوصوا بالنساء خيرا) . أي: اقبلوا الوصية.

والمعنى: إني أوصيكم بهن خيرا، فاقبلوا.

أو بمعنى: ليوص بعضكم بعضا بهن. كما في النيل.

قال النووي : فيه: الحث على الرفق بالنساء، واحتمالهن.

(فإن المرأة خلقت من ضلع) بكسر الضاد وفتح اللام. ويسكن قليلا. والأكثر: الفتح. وهو واحد الأضلاع.

والفائدة في تشبيه المرأة بالضلع: التنبيه على أنها معوجة الأخلاق، لا تستقيم أبدا.

فمن حاول حملها على الأخلاق المستقيمة: أفسدها. ومن تركها على ما هي عليه من الاعوجاج: انتفع بها.

قال النووي : فيه دليل لما يقوله الفقهاء، أو بعضهم: إن حواء خلقت من ضلع آدم. قال الله تعالى: { خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها } . وبين النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنها خلقت من ضلع. انتهى.

زاد في النيل: وقد روي ذلك من حديث ابن عباس، عند ابن إسحاق. وروي من حديث مجاهد مرسلا، عند ابن أبي حاتم. انتهى.

قال النووي : واختلفوا; متى خلقت من ضلع آدم؟ فقيل:

[ ص: 314 ] قبل دخوله الجنة، فدخلاها. وقيل: في الجنة.

(وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه. إن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج)

أراد به: المبالغة في الاعوجاج. والتأكيد لمعنى الكسر: بأن تعذر الإقامة في الجهة العليا، أمره أظهر.

وقيل: يحتمل أن يكون ذلك مثلا لأعلى المرأة. لأن أعلاها رأسها، وفيه لسانها، وهو الذي ينشأ منه الاعوجاج.

قيل: وأعوج ههنا من باب الصفة، لا من باب التفضيل. لأن "أفعل التفضيل"، لا يصاغ من الألوان والعيوب.

وأجيب: بأن الظاهر ههنا: أنه للتفضيل. وقد جاء ذلك على قلة، مع عدم الالتباس بالصفة.

والضمير في قوله: "إن ذهبت تقيمه": يرجع إلى الضلع، لا إلى أعلاه. وهو يذكر ويؤنث. ولهذا ورد في الرواية الأخرى: "تقيمها ". وفي هذه: " تقيمه"

قال النووي : في هذا الحديث: ملاطفة النساء، والإحسان إليهن، والصبر على عوج أخلاقهن، واحتمال ضعف عقولهن، وكراهة طلاقهن بلا سبب. وأنه لا يطمع باستقامتها.

[ ص: 315 ] (استوصوا بالنساء خيرا) . هذا التكرير، لتقوية التأكيد. وقد تقدم معناه.

التالي السابق


الخدمات العلمية