السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2626 [ ص: 467 ] باب تحريم الربيبة وأخت المرأة

وأورده النووي في : (كتاب الرضاع) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم النووي ص 25 - 26 ج 10 المطبعة المصرية

[عن أم حبيبة بنت أبي سفيان، قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت له: هل لك في أختي، بنت أبي سفيان؟ فقال: "أفعل ماذا ؟" قلت: تنكحها قال. " أو تحبين ذلك؟". قلت: لست لك بمخلية. وأحب من شركني في الخير: أختي. قال: "فإنها لا تحل لي". قلت: فإني أخبرت: أنك تخطب درة بنت أبي سلمة. قال: "بنت أم سلمة ؟". قلت: نعم. قال: "لو أنها لم تكن ربيبتي، في حجري: ما حلت لي. إنها ابنة أخي من الرضاعة، أرضعتني وأباها ثويبة. فلا تعرضن علي بناتكن، ولا أخواتكن".].


(الشرح)

(عن أم حبيبة بنت أبي سفيان " رضي الله عنهما "، قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقلت له : هل لك في أختي ، بنت أبي سفيان ؟ فقال : " أفعل ماذا ؟" قلت : تنكحها . قال : " أو تحبين ذلك ؟". قلت : لست لك بمخلية . وأحب من شركني [ ص: 468 ] في الخير أختي) . بفتح الشين وكسر الراء . أي : أحب من شاركني فيك ، وفي صحبتك ، والانتفاع منك بخيرات الآخرة والدنيا.

(قال : " فإنها لا تحل لي " . قلت : فإني أخبرت : أنك تخطب درة (بضم الدال وتشديد الراء . وهذا لا خلاف فيه.

وأما ما حكاه عياض : " ذرة " بالذال المعجمة ، فتصحيف لا شك فيه .

قاله النووي .

(بنت أبي سلمة . قال : " بنت أم سلمة ؟" ، قلت : نعم .) هذا سؤال استثبات ، ونفي احتمال إرادة غيرها .

(قال : "لو أنها لم تكن ربيبتي ، في حجري : ما حلت لي . إنها ابنة أخي من الرضاعة ") . أي : أنها حرام علي بسببين ; كونها ربيبة . وكونها بنت أخي . فلو فقد أحد السببين ، حرمت بالآخر .

قال النووي : الربيبة : بنت الزوجة . مشتقة من : "الرب " وهو الإصلاح . لأنه يقوم بأمورها ، ويصلح أحوالها .

قال : ووقع في بعض كتب الفقه : أنها مشتقة من "التربية" ، وهذا غلط فاحش . فإن من شرط الاشتقاق : الاتفاق في الحروف الأصلية .

ولام الكلمة وهو الحرف الأخير : مختلف . فإن آخر "رب" : باء موحدة . وفي آخر "ربى " : ياء تحتية.

والحجر : بفتح الحاء وكسرها . وفيه : حجة لداود الظاهري : أن الربيبة : لا تحرم إلا إذا كانت في حجر زوج أمها . فإن لم تكن في [ ص: 469 ] حجره : فهي حلال له . وهو موافق لظاهر قوله تعالى : ( وربائبكم اللاتي في حجوركم .

قال : ومذهب العلماء كافة (سوى داود) : أنها حرام ، سواء كانت في حجره أم لا. قالوا : والتقييد : إذا خرج على سبب ، لكونه الغالب : لم يكن له مفهوم يعمل به . فلا يقصر الحكم عليه .

ونظيره : قوله تعالى : ( ولا تقتلوا أولادكم من إملاق ) ومعلوم : أنه يحرم قتلهم بغير ذلك أيضا . لكن خرج التقييد بالإملاق : لأنه الغالب . وقوله تعالى : ( ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا ) ونظائره في القرآن كثيرة .

(أرضعتني وأباها ثويبة) أي : أرضعت أنا ، وأبوها "أبو سلمة " : من " ثويبة " بالتصغير : هي مولاة لأبي لهب . ارتضع منها " صلى الله عليه وآله وسلم) ، قبل "حليمة " السعدية.

(فلا تعرضن علي : بناتكن ، ولا أخواتكن) . إشارة إلى أخت أم حبيبة ، وبنت أم سلمة .

واسم أختها هذه : "عزة " بفتح العين . وقد سماها في الرواية الأخرى.

وهذا : محمول على أنها ، لم تعلم حينئذ : تحريم الجمع بين [ ص: 470 ] الأختين . وكذا لم تعلم من عرض بنت أم سلمة : تحريم الربيبة. وكذا لم تعلم من عرض بنت حمزة : تحريم بنت الأخ من الرضاعة . أو لم تعلم : أن حمزة : أخ له من الرضاعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية