السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2642 [ ص: 489 ] باب : إنما الرضاعة من المجاعة

وذكره النووي في : (كتاب الرضاع) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم النووي ص 33 - 34 ج 10 المطبعة المصرية

[عن مسروق قال: قالت عائشة "رضي الله عنها": دخل علي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وعندي رجل قاعد فاشتد ذلك عليه، ورأيت الغضب في وجهه. قالت: فقلت: يا رسول الله! إنه أخي من الرضاعة. قالت: فقال: " انظرن إخوتكن من الرضاعة. فإنما الرضاعة من المجاعة".].


(الشرح)

قال في "المنتقى" : رواه الجماعة ، إلا الترمذي .

قال في شرحه : هو أمر بالتأمل فيما وقع من الرضاع . هل هو رضاع صحيح مستجمع للشروط المعتبرة أم لا؟

قال المهلب : المعنى : انظرن ما سبب هذه الأخوة : فإن حرمة الرضاع، إنما هي في الصغر ، حيث تسد الرضاعة المجاعة .

[ ص: 490 ] وقال أبو عبيد : معناه : أن الذي إذا جاع كان طعامه " الذي يشبعه " : اللبن من الرضاع : هو الصبي . لا حيث يكون الغذاء بغير الرضاع .

وقوله : " فإنما الرضاعة من المجاعة " : تعليل للباعث على إمعان النظر والتفكر : بأن الرضاعة التي تثبت بها الحرمة : هي حيث يكون الرضيع طفلا ، يسد اللبن جوعته . وأما من كان يأكل ويشرب : فرضاعه لا عن مجاعة . لأن في الطعام والشراب : ما يسد جوعته ، بخلاف الطفل الذي لا يأكل الطعام.

ومثل هذا المعنى : حديث : " لا رضاع إلا ما أنشر العظم، وأنبت اللحم".

فإن إنشار العظم ، وإنبات اللحم : إنما يكون لمن كان غذاؤه اللبن.

وقد احتج بهذه الأحاديث : من قال : إن رضاع الكبير لا يقتضي التحريم مطلقا . وأجابوا عليه : بأجوبة لا تخلو عن تكلف وتعسف.

والحق : ما قدمنا ، من أن قضية " سالم " : مختصة بمن حصل له ضرورة بالحجاب ، لكثرة الملابسة . فتكون هذه الأحاديث : مخصصة بذلك النوع . فتجتمع حينئذ الأحاديث ، ويندفع التعسف من الجانبين.

وكذلك قوله تعالى : ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ) . فهذه الآية : مخصصة بحديث قصة سالم الصحيح . والله أعلم بالصواب .

التالي السابق


الخدمات العلمية