السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2758 باب من أعتق شركا له في عبد

وذكره النووي في : (كتاب العتق) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم النووي ص 135 ج 10 المطبعة المصرية

[حدثنا يحيى بن يحيى، قال: قلت لمالك : حدثك نافع عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من أعتق شركا له، في عبد، فكان له مال يبلغ ثمن العبد: قوم عليه قيمة العدل، فأعطى شركاءه: حصصهم، وعتق عليه العبد، وإلا فقد عتق منه: ما عتق".].


(الشرح)

(عن ابن عمر " رضي الله عنهما " ; قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " من أعتق شركا له في عبد") .

"الشرك"بكسر الشين : الحصة والنصيب .

قال ابن دقيق العيد : هو في الأصل : مصدر .

[ ص: 526 ] وفي رواية : "نصيبا له " .

(فكان له مال يبلغ ثمن العبد : قوم عليه قيمة العدل) ، أي :

لا زيادة فيه ، ولا نقص .

(فأعطي شركاؤه حصصهم . وعتق عليه العبد. وإلا فقد عتق منه : ما عتق) .

هذا الحديث : رواه الجماعة ، والدارقطني أيضا .

وفي الباب : أحاديث في البخاري وغيره . ذكرها في "المنتقى" .

والحديث : يدل على أن السراية إلى نصيب الشريك ، إنما تثبت مع وجود مال للشريك المعتق ، يمكن منه : غرامة قيمة نصيب الشريك . وإذا لم يكن له مال : فلا سراية ، ويعتق نصيب المعتق ، ويبقى نصيب شريكه رقا .

وفي لفظ ، في الصحيحين وغيرهما : " من أعتق عبدا بينه وبين آخر : قوم عليه ، في ماله قيمة عدل ، لا وكس ، ولا شطط . ثم عتق عليه في ماله ، إن كان موسرا " . وفيهما ألفاظ مصرحة : بتقييد وقوع العتق ، بكون الشريك موسرا . وهي تفيد : أنه إذا كان معسرا ، فلا يعتق إلا نصيب الموقع للعتق . [ ص: 527 ] وثبت فيهما ، وفي غيرهما ، من حديث أبي هريرة يرفعه : " من أعتق شقيصا له من مملوكه ، فعليه خلاصه في ماله ، فإن لم يكن له مال : قوم المملوك قيمة عدل ، ثم استسعي في نصيب الذي لم يعتق ، غير مشقوق عليه " . ورواه الجماعة أيضا ، إلا النسائي . وسيأتي .

فأفاد هذا الحديث : أنه إذا كان الشريك الذي أوقع العتق ، معسرا :

أعتق العبد جميعه . ويسعى العبد في نصيب الشريك الآخر .

فالجمع بين هذه الأحاديث الثابتة في الصحيحين وغيرهما ، وما ورد في معناها ;

أن الشريك الموقع للعتق ، إن كان موسرا : ضمن قيمة نصيب الشريك من ماله .

وإن كان معسرا : فإن كان العبد قادرا على السعاية ، واختار ذلك ، عتق جميعه . ويسعى العبد . وإن كان لم يقدر على السعاية ، أو أبى أن يسعى ، فقد عتق منه ما عتق . وهو النصيب الذي أعتقه . ويبقى نصيب الآخر رقا .

وليس في هذا : ما يقتضي المنع منه ، من شرع ولا عقل . وإنما قلنا : [ ص: 528 ] إنه يعتبر رضاء العبد بالسعاية : جمعا بين حديث السعاية ، وبين حديث الباب . فإذا رضي العبد ببقاء بعضه رقا ، لم يجبره على خلاص نفسه بالسعاية عليه ، لأن ذلك أمر ، نفعه له . فإذا اختار تركه : لم يجبر عليه ، كما تدل عليه قواعد الشرع .

ولا سيما وهو يتمسك ههنا : بسنة صحيحة ثابتة . وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم : " وإلا فقد عتق منه : ما عتق " . ومن شك في ثبوتها : فشكه مدفوع مرفوع ، بترجيح الأئمة ، من الرواة لثبوتها ورفعها .

وقد أوضح الكلام فيما قاله الحفاظ، في زيادة : " وإلا فقد عتق منه ، ما عتق " ، وفي زيادة ذكر الاستسعاء للعبد : شيخنا العلامة الشوكاني "رحمه الله " ، في شرحه للمنتقى . فراجعه .

التالي السابق


الخدمات العلمية