السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2760 باب : منه وذكر السعاية

وهو في النووي في : (كتاب العتق) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم النووي ص 137 ج 10 المطبعة المصرية

[عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "من أعتق شقصا له في عبد فخلاصه في -ماله إن كان له مال- فإن لم يكن له مال: استسعي العبد غير مشقوق عليه".].


[ ص: 529 ] (الشرح)

(عن أبي هريرة "رضي الله عنه" ، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : " من أعتق شقصا له ") بكسر الشين . وهو القليل من كل شيء . وقيل : هو النصيب قليلا كان أو كثيرا . ويقال : " الشقيص " أيضا . بزيادة الياء .

(في عبد) ، فخلاصه في ماله - إن كان له مال - فإن لم يكن له مال ، استسعي العبد ، غير مشقوق عليه) . أي : لا يكلف ما يشق عليه .

ومعنى "الاستسعاء " : أن العبد يكلف الاكتساب والطلب ، حتى تحصل قيمة نصيب الشريك الآخر . فإذا دفعها إليه : عتق .

هكذا ، فسره جمهور القائلين بالاستسعاء .

وقال بعضهم : هو أن يخدم سيده ، الذي لم يعتق : بقدر ماله فيه من الرق .

قال النووي : فعلى هذا ، تتفق الأحاديث .

قال : وفي هذا الحديث : أن من أعتق نصيبه ، من عبد مشترك : قوم عليه باقيه - إذا كان موسرا - : بقيمة عدل . سواء كان العبد مسلما ، أو كافرا. وسواء كان الشريك مسلما ، أو كافرا . وسواء كان العتيق عبدا ، أو أمة . [ ص: 530 ] ولا خيار للشريك في هذا ولا للعبد ، ولا للمعتق . بل ينفذ هذا الحكم ، وإن كرهه كلهم ، مراعاة لحق الله تعالى في الحرية .

قال : وأما نصيب الشريك ، فاختلفوا في حكمه إذا كان المعتق موسرا ، على ستة مذاهب . فذكرها .

والحق في ذلك : ما ذكرنا ، تحت الحديث الأول .

قال في "النيل" : والذي يظهر أن الحديثين صحيحان ، مرفوعان .

وفاقا لصاحبي الصحيح .

قال : ولا شك أن الرفع زيادة معتبرة ، لا يليق إهمالها . كما تقرر في الأصول ، وعلم الاصطلاح .

وما ذهب إليه بعض أهل الحديث ، من الإعلال بطريق الرفع : بالوقف في طريق أخرى : لا ينبغي التعويل عليه ، وليس له مستند . ولا سيما بعد الإجماع : على قبول الزيادة ، التي لم تقع منافية ، مع تعدد مجالس السماع .

فالواجب : قبول الزيادتين ، المذكورتين في حديث ابن عمر وحديث أبي هريرة . وظاهرهما التعارض ، والجمع ممكن. كما قال الإسماعيلي . وقد جمع البيهقي بينهما . انتهى .

قلت : وهو يوافق الجمع المتقدم في المعنى . وهو الذي جزم به البخاري . [ ص: 531 ] قال البيهقي : ولا يبقى بعد هذا الجمع معارضة أصلا . قال الحافظ :وهو كما قال .

وجمع بعضهم : بطرق أخرى ، ذكرها في "النيل" . وأبطل حجة من أبطل السعاية . وذكر بعض مذاهب الفقهاء في ذلك . فليرجع إليه . وفيما حررناه : كفاية ومقنع .

التالي السابق


الخدمات العلمية