السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2768 باب : منه وتخيير المعتقة في زوجها

وهو في النووي في : (باب بيان أن الولاء لمن أعتق) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم النووي ص 147 - 198 ج 10 المطبعة المصرية

[عن عائشة "زوج النبي صلى الله عليه وسلم" أنها قالت: كان في بريرة ثلاث سنن: خيرت على زوجها، حين عتقت. وأهدي لها لحم، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، والبرمة على النار، فدعا بطعام، فأتي بخبز وأدم، من أدم البيت. فقال: "ألم أر برمة على النار، فيها لحم؟". فقالوا: بلى يا رسول الله! ذلك لحم تصدق به على بريرة ، فكرهنا: أن نطعمك منه.

فقال: " هو عليها صدقة. وهو منها لنا هدية".

وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيها: "إنما
الولاء لمن أعتق".].



(الشرح)

(عن عائشة رضي الله عنها ، " زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم "; أنها قالت : كان في بريرة ثلاث سنن) . بل ثلاثون ، كما تقدم . قريبا . [ ص: 546 ] (خيرت على زوجها ، حين عتقت) .

قال النووي : أجمعت الأمة ، على أنها إذا عتقت كلها تحت زوجها ، وهو عبد : كان لها الخيار ، في فسخ النكاح .

فإن كان حرا " ، فلا خيار لها : عند مالك ، والشافعي ، والجمهور .

وقال أبو حنيفة : لها الخيار . واحتج برواية ، من روى أنه ، "كان زوجها حرا". وقد ذكرها مسلم ، من رواية شعبة . لكن قال شعبة : ثم سألته عن زوجها ، فقال : لا أدري .

واحتج الجمهور : بأنها قضية واحدة . والروايات المشهورة في صحيح مسلم وغيره : أن زوجها كان عبدا . قال الحفاظ : ورواية من روى أنه كان حرا غلط ، وشاذة مردودة : لمخالفتها المعروف في روايات الثقات .

ويؤيده أيضا : قول عائشة : "كان عبدا ، ولو كان حرا لم يخيرها ".رواه مسلم .

وفي هذا الكلام دليلان ;

أحدهما : إخبارها أنه كان عبدا . وهي صاحبة القضية .

والثاني : قولها : "لو كان حرا لم يخيرها ". ومثل هذا لا يكاد أحد يقوله ، إلا توقيفا .

[ ص: 547 ] ولأن الأصل في النكاح اللزوم . ولا طريق إلى فسخه إلا بالشرع

.وإنما ثبت في العبد ، فبقي الحر على الأصل .

ولأنه لا ضرر ولا عار عليها وهي حرة ، في المقام تحت حر . وإنما يكون ذلك ، إذا أقامت تحت عبد . فأثبت لها الشرع

الخيار في العبد ، لإزالة الضرر ، بخلاف الحر.

قالوا : ولأن رواية هذا الحديث ، تدور على عائشة وابن عباس . فأما ابن عباس ; فاتفقت الروايات عنه : أن زوجها كان عبدا . وأما عائشة ، فمعظم الروايات عنها أيضا : أنه كان عبدا . فوجب ترجيحها . والله أعلم .

انتهى كلام النووي .

وأقول : إنه قد ثبت من طريق ابن عباس ، وابن عمر ، وصفية بنت أبي عبيد . أنه كان عبدا .

وثبت عن عائشة : أنه كان عبدا ، من طريق القاسم وعروة . وأنه كان حرا ، من طريق الأسود فقط .

ورواية اثنين : أرجح من رواية واحد ، على فرض صحة الجمع .

فكيف إذا كانت رواية الواحد معلولة بالانقطاع ؟ كما قال البخاري .

[ ص: 548 ] وغاية الأمر : أن الروايات عن عائشة متعارضة . فيرجع إلى رواية غيرها . وقد عرفت أنها متفقة على الجزم بكونه عبدا .

وقد بسط القول في ذلك : صاحب شرح "المنتقى" . فراجعه .

) وأهدي لها لحم ، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، والبرمة على النار ، فدعا بطعام ، فأتي بخبز وأدم من أدم البيت . فقال : " ألم أر برمة على النار فيها لحم ؟" فقالوا : بلى يا رسول الله ! ذلك لحم تصدق به على بريرة . فكرهنا : أن نطعمك منه . فقال : " هو عليها صدقة . وهو منها لنا هدية ".) .

وفيه : دليل على أنه إذا تغيرت الصفة : تغير حكمها . فيجوز للغني شراؤها من الفقير ، وأكلها : إذا أهداها إليه . وللهاشمي ولغيره ; ممن لا تحل له الزكاة ابتداء . والله أعلم .

والأصح : أنه صلى الله عليه وآله وسلم ، كانت تحرم عليه :

صدقة الفرض ، والتطوع
، مطلقا .

قال في "السيل" : أما التعليل بتحريمها : بأنها من أوساخ الناس ، فصدقة النفل ، هي أيضا من أوساخهم . مع صدق اسم الصدقة عليها .

[ ص: 549 ] قال : وقد ذكرت في شرحي للمنتقى : الخلاف في تحريم صدقة النفل عليهم . انتهى .

وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيها: " إنما الولاء لمن أعتق ") . وهذا ، ثابت بالأدلة الصحيحة المتواترة ، وبالإجماع الصحيح .

ولم يقل أحد شيئا ، يخالف ذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية