السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3134 باب منه

وذكره النووي في : (باب صحبة المماليك) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم النووي ص 129 ج 11 المطبعة المصرية

[عن سويد بن مقرن ، أن جارية له، لطمها إنسان. فقال له سويد: أما علمت: أن الصورة محرمة ؟ فقال: لقد رأيتني، وإني لسابع إخوة لي، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. وما لنا خادم غير واحد. فعمد أحدنا فلطمه. فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن نعتقه.].


(الشرح)

(عن سويد بن مقرن " رضي الله عنه" ، أن جارية له ، لطمها إنسان .

فقال له سويد : أما علمت : أن الصورة محرمة) .

[ ص: 556 ] فيه : إشارة إلى ما صرح به ، في الحديث الآخر : " إذا ضرب أحدكم العبد فليجتنب الوجه " . إكراما له . لأن فيه محاسن الإنسان . وأعضاءه اللطيفة. وإذا حصل فيه شين أو أثر ، كان أقبح .

(فقال : لقد رأيتني ، وإني لسابع إخوة لي ، مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وما لنا خادم غير واحد) .

قال النووي : "الخادم " بلا هاء : يطلق على الجارية . كما يطلق على الرجل .

ولا يقال : " خادمة " بالهاء. إلا في لغة شاذة قليلة . أوضحتها في تهذيب الأسماء واللغات .

(فعمد أحدنا فلطمه . فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

أن نعتقه) .

قال النووي : هذا محمول على أنهم كلهم ، رضوا بعتقها ، وتبرعوا به . وإلا ، فاللطمة إنما كانت من واحد منهم ، فسمحوا له بعتقها : تكفيرا لذنبه . انتهى .

قال في "النيل" : قال النووي ، في شرح مسلم ، عند الكلام على حديث سويد بن مقرن : إنه أجمع العلماء ، أن ذلك العتق : ليس واجبا .

[ ص: 557 ] وإنما هو مندوب ، رجاء الكفارة ، وإزالة إثم اللطم . وذكر من أدلتهم على عدم الوجوب : إذنه صلى الله عليه وآله وسلم لهم ، بأن يستخدموها . ورد بأن إذنه صلى الله عليه وآله وسلم لهم ، باستخدامها : لا يدل على عدم الوجوب . بل الأمر ، قد أفاد الوجوب . والإذن بالاستخدام ، دل على كون وجوبه متراخيا ، إلى وقت الاستغناء عنها . ولذا أمرهم عند الاستغناء بالتخلية لها.

ونقل أيضا عن عياض : أنه أجمع العلماء ، على أنه لا يجب إعتاق العبد ، بشيء مما يفعله به مولاه ; من مثل هذا الأمر الخفيف . يعني : " اللطم " المذكور في حديث سويد بن مقرن .

قال : واختلفوا فيما كثر من ذلك وشنع ; من ضرب مبرح لغير موجب ، أو تحريق بنار ، أو قطع عضو له ، أو إفساده ، أو نحو ذلك ، مما فيه مثلة .

[ ص: 558 ] فذهب مالك ، والأوزاعي ، والليث : إلى عتق العبد على سيده ، بذلك . ويكون ولاؤه له . ويعاقبه السلطان على فعله .

وقال سائر العلماء : لا يعتق عليه . انتهى .

وبهذا ، تبين : أن الإجماع الذي أطلقه النووي : مقيد بمثل ما ذكره القاضي عياض . انتهى كلام "النيل".

ثم قال النووي : واختلف أصحاب مالك ، فيما لو حلق رأس الأمة ، أو لحية العبد. واحتج بحديث ابن عمرو بن العاص ، في الذي جب عبده ، فأعتقه النبي صلى الله عليه وآله وسلم . انتهى .

قلت : الأحاديث تدل ، على أن المثلة : من أسباب العتق . وقد اختلف: هل يقع العتق بمجردها أم لا؟

فحكي عن علي : أنه لا يعتق بمجردها . بل يؤمر السيد بالعتق .

فإن تمرد ، فالحاكم .

وقال مالك ، والليث ، وداود ، والأوزاعي : بل يعتق بمجردها .

وعن الأكثرين : أن من مثل بعبد غيره ، لم يعتق . وعن الأوزاعي :

أنه يعتق ، ويضمن القيمة للمالك . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية