السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2983 [ ص: 586 ] باب بيع التمر مثلا بمثل

وأورده النووي في : (باب الربا) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم النووي ص 20 - 21 ج 11 المطبعة المصرية

[عن عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن، أنه سمع سعيد بن المسيب يحدث: أن أبا هريرة ، وأبا سعيد، حدثاه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أخا بني عدي الأنصاري، فاستعمله على خيبر ، فقدم بتمر جنيب. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكل تمر خيبر هكذا؟" قال: لا، والله! يا رسول الله! إنا لنشتري الصاع: بالصاعين من الجمع. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تفعلوا. ولكن مثلا بمثل. أو بيعوا هذا، واشتروا بثمنه: من هذا. وكذلك الميزان"


(الشرح)

(عن أبي هريرة ، وأبي سعيد " رضي الله عنهما " ، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، بعث أخا بني عدي الأنصاري ) .

صرح أبو عوانة ، والدارقطني : أن اسمه : سواد بن " غزية" .

زنة : عطية .

[ ص: 587 ] (فاستعمله على خيبر ، فقدم بتمر جنيب) بفتح الجيم وكسر النون ، وسكون التحتية ، ثم موحدة : نوع من التمر ، من أعلاه . وهو الطيب .

وقيل : الصلب .

وقيل : ما أخرج منه حشفه ورديئه .

وقيل : ما لا يختلط بغيره .

وفي القاموس : أن الجنيب : " تمر جيد" .

(فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " أكل تمر خيبر هكذا ؟" قال : لا ، والله ! يا رسول الله ! إنا لنشتري الصاع : بالصاعين من الجمع) بفتح الجيم وإسكان الميم . وهو تمر رديء .

وقال في "الفتح" : هو التمر المختلط بغيره .

وقال في "القاموس" : هو الدقل . أو صنف من التمر .

وقال النووي : وقد فسره في الرواية الأخيرة : بأنه الخلط من التمر .

ومعناه : مجموع من أنواع مختلفة .

وهذا الحديث : محمول على أن هذا العامل ، الذي باع صاعا بصاعين لم يعلم تحريم هذا. لكونه كان في أوائل تحريم الربا . أو لغير ذلك .

(فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "لا تفعلوا . ولكن مثلا بمثل) .

[ ص: 588 ] وهذا الحديث : يدل على أنه ، لا يجوز بيع رديء الجنس بجيده ، متفاضلا . وهذا أمر مجمع عليه ، لا خلاف بين أهل العلم فيه .

وأما سكوت الرواة ، عن فسخ البيع المذكور : فلا يدل على عدم الوقوع .

إما ذهولا ، وإما اكتفاء بأن ذلك معلوم .

وقد ورد في بعض طرق هذا الحديث : (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : " هذا هو الربا فرده"

.) أو بيعوا هذا ، واشتروا بثمنه : من هذا(.

قال النووي : احتج بهذا الحديث أصحابنا وموافقوهم ، في أن مسألة " العينة " : ليست بحرام . وهي الحيلة التي يعملها بعض الناس ، توصلا إلى مقصود الربا . بأن يريد أن يعطيه ، مائة درهم : بمائتين . فيبيعه ثوبا : بمائتين . ثم يشتريه منه : بمائة .

وموضع الدلالة ، قوله : " بيعوا هذا ، واشتروا بثمنه .. إلخ" . ولم يفرق بين أن يشتري من المشتري ، أو من غيره . فدل على أنه : [ ص: 589 ] لا فرق . انتهى . يعني : ترك الاستفصال ، في مقام الاحتمال : ينزل منزلة العموم في المقال .

لكن قال في "الفتح" : وتعقب بأنه : مطلق . والمطلق لا يشمل . فإذا عمل به في صورة : سقط الاحتجاج به في غيرها . فلا يصح الاستدلال به : على جواز الشراء ، ممن باع منه تلك السلعة بعينها . انتهى .

قال النووي : وهذا يعني : " بيع العينة" ليس بحرام ، عند الشافعي وآخرين .

وقال مالك ، وأحمد : هو حرام .

(وكذلك الميزان) في أنه : لا يجوز بيع بعض الجنس منه : ببعضه متفاضلا ، وإن اختلفا في الجودة والرداءة . بل يباع رديئه بالدراهم ، ثم يشترى بها الجيد .

والمراد بالميزان هنا : الموزون .

قال صاحب "المنتقى" : هو حجة ، في جريان الربا : في الموزونات كلها . لأن قوله : في الميزان . أي في الموزون ، وإلا فنفس الميزان ، ليست من أموال الربا . انتهى .

قال النووي : يستدل به الحنفية . لأنه ذكر هنا : الكيل والميزان .

[ ص: 590 ] وأجاب أصحابنا وموافقوهم : بأن معناه : وكذلك الميزان ، لا يجوز التفاضل فيه ، فيما كان ربويا موزونا . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية