السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2957 باب تحريم بيع الخمر

ومثله في النووي .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم النووي ص 3-4 ج 11 المطبعة المصرية

[عن عبد الرحمن بن وعلة السبئي "من أهل مصر "، أنه سأل عبد الله بن عباس، عما يعصر من العنب؟

فقال ابن عباس: إن رجلا، أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم: راوية خمر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل علمت: أن الله قد حرمها؟" قال: لا. فسار إنسانا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بم ساررته؟" فقال : أمرته ببيعها.

فقال
"إن الذي حرم شربها، حرم بيعها".

قال: ففتح المزادة، حتى ذهب ما فيها.].
.


[ ص: 625 ] (الشرح)

(عن عبد الرحمن بن وعلة السبئي ) بفتح السين . منسوب إلى سبأ . و"وعلة " : بفتح الواو ، وإسكان العين .

(من أهل مصر . أنه سأل عبد الله بن عباس "رضي الله عنهما " ، عما يعصر من العنب : فقال ابن عباس : إن رجلا أهدى لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : راوية خمر) سميت بها : لأنها تروي صاحبها ، ومن معه .

(فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " هل علمت : أن الله تعالى قد حرمها ؟" قال : لا) .

قال النووي : لعل السؤال كان ، ليعرف حاله . فإن كان عالما بتحريمها : أنكر عليه هديتها ، وإمساكها ، وحملها . وعزره على ذلك . فلما أخبره : أنه كان جاهلا بذلك ، عذره .

والظاهر : أن هذه القضية ، كانت على قرب تحريم الخمر . قبل اشتهار ذلك .

وفي هذا : أن من ارتكب معصية ، جاهلا تحريمها : لا إثم عليه ، ولا تعزير.

[ ص: 626 ] (قال : فسار إنسانا . فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

"بما ساررته ؟" فقال : أمرته ببيعها) .

" المسارر" الذي خاطبه النبي صلى الله عليه وآله وسلم : هو الرجل الذي أهدى الراوية ، كذا جاء مبينا في غير هذه الرواية . وأنه رجل من " دوس ".

قال القاضي : وغلط بعض الشارحين ، فظن : أنه رجل آخر .

وفيه : دليل لجواز سؤال الإنسان ، عن بعض أسرار الإنسان ; فإن كان مما يجب كتمانه ، كتمه . وإلا ، فيذكره .

(فقال : " إن الذي حرم شربها ، حرم بيعها " قال : ففتح المزاد حتى ذهب ما فيها) . هكذا وقع : " المزاد" في أكثر النسخ : بحذف الهاء في آخرها .

وفي بعضها : "المزادة " بالهاء . وقال في أول الحديث : " أهدى راوية "وهي هي

.قال أبو عبيد : هما بمعنى .

وقال ابن السكيت : إنما يقال لها : مزادة . وأما الراوية : فاسم للبعير خاصة .

قال النووي : والمختار : قول أبي عبيد . وهذا الحديث يدل لأبي [ ص: 627 ] عبيد . فإنه سماها : "راوية " ومزادة . لأنه يتزود فيها الماء ، في السفر وغيره .

وقيل : لأنه يزاد فيها ليتسع .

قال : وفي هذا الحديث : دليل للجمهور ، والشافعي ، على أن أواني الخمر ، لا تكسر . ولا تشق . بل يراق ما فيها .

وأما حديث أبي طلحة : أنهم كسروا الدنان . فإنما فعلوا ذلك بأنفسهم ، من غير أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية