السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2796 [ ص: 14 ] باب النهي عن تلقي السلع.

وقال النووي: ( باب تحريم تلقي الجلب ) .

ولفظ المنتقى: (باب النهي عن تلقي الركبان ) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص163 - 164 ج10 المطبعة المصرية

[عن ابن سيرين، قال سمعت أبا هريرة يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تلقوا الجلب فمن تلقاه فاشترى منه، فإذا أتى سيده السوق، فهو بالخيار" .].


(الشرح)

(عن أبي هريرة - رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قال: "لا تلقوا الجلب" ) .

وفي رواية أخرى: "نهى أن يتلقى السلع".

وفي رواية: "نهى عن التلقي".

وفي أخرى: "عن تلقي البيوع".

وفي رواية: "أن يتلقى الجلب".

[ ص: 15 ] "والجلب" بفتح اللام: (مصدر ) بمعنى: اسم المفعول "المجلوب"؛ يقال: جلب الشيء: جاء به من بلد إلى بلد، للتجارة.

وفي هذه الأحاديث: تحريم تلقي الجلب، وهو مذهب الشافعي، ومالك، والجمهور.

وقال أبو حنيفة، والأوزاعي: يجوز التلقي، إذا لم يضر بالناس. فإن أضر: كره.

قال النووي: والصحيح: الأول، للنهي الصريح. انتهى.

وأقول: في الحديث: دليل على أن التلقي محرم.

وقد اختلف في هذا النهي، هل يقتضي الفساد أم لا ؟

فقيل: يقتضي. وقيل: لا، وهو الظاهر. لأن النهي ههنا، لأمر خارج، وهو لا يقتضيه. كما تقرر في الأصول.

قال العلماء: سبب التحريم: إزالة الضرر عن الجالب، وصيانته ممن يخدعه.

والظاهر من النهي: أنه يتناول المسافة القصيرة والطويلة. وهو ظاهر إطلاق الشافعية.

وقال بعض المالكية: ميل.

وقيل: فرسخان. وقال بعضهم: يومان.

[ ص: 16 ] وقيل: مسافة قصر، وبه قال الثوري.

وأما ابتداء التلقي؛

فقيل: الخروج من السوق، وإن كان في البلد.

وقيل: الخروج من البلد، وهو قول الشافعية.

وبالأول قال أحمد، وإسحاق، والليث، والمالكية. وهو الظاهر، الموافق للسنة الواضحة. والله أعلم.

(فمن تلقاه فاشترى منه، فإذا أتى سيده السوق: فهو بالخيار ) .

قال الشافعية: لا خيار للبائع، قبل أن يقدم ويعلم السعر.

فإذا قدم، فإن كان الشراء بأرخص من سعر البلد: ثبت له الخيار. سواء أخبر المتلقي بالسعر كاذبا، أم لم يخبر.

وإن كان الشراء بسعر البلد أو أكثر، فوجهان؛ الأصح: لا خيار له، لعدم الغبن. والثاني: ثبوته. لإطلاق الحديث.

والحديث حجة للشافعي، لأنه: أثبت الخيار للبائع، لا لأهل السوق. وذهبت الحنابلة: إلى ثبوت الخيار مطلقا. وهو الظاهر.

وحمله مالك: على نفع أهل السوق، لا على نفع رب السلعة. وإلى ذلك جنح الكوفيون، والأوزاعي.

التالي السابق


الخدمات العلمية