السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
2967 [ ص: 42 ] باب: لا تبيعوا الدينار بالدينارين، والدرهم بالدهمين

وهو في النووي في: (باب الربا ) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص11 ج11 المطبعة المصرية

[عن عثمان بن عفان "رضي الله عنه"؛ أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لا تبيعوا الدينار بالدينارين، ولا الدرهم بالدرهمين" ] .

وفي حديث "أبي سعيد الخدري" يرفعه، عند مسلم: "الذهب بالذهب مثلا بمثل" . وفي آخره: "الدينار بالدينار، والدرهم بالدرهم: مثلا بمثل. من زاد أو ازداد فقد أربى .... الحديث" ) .

وفي حديث أبي هريرة عنده: "الدينار بالدينار لا فضل بينهما. والدرهم بالدرهم، لا فضل بينهما" .

[ ص: 43 ] وفي حديث أبي بكرة عن أبيه عنده: (قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عن الفضة بالفضة، والذهب بالذهب، إلا سواء بسواء. وأمرنا أن نشتري الفضة بالفضة كيف شئنا، ونشتري الذهب بالفضة كيف شئنا ) .


(الشرح)

قوله: "كيف شئنا"، يعني سواء ومتفاضلا، لكن شرطه: أن يكون حالا، ويتقابضا في المجلس.

وفي هذه الأحاديث: التصريح بتحريم ربا الفضل. وهو مذهب الجمهور.

واستدل على جوازه: بحديث أسامة عند الشيخين وغيرهما، بلفظ: "إنما الربا في النسيئة". زاد مسلم في رواية عن ابن عباس: "لا ربا فيما كان يدا بيد".

واختلفوا في الجمع بينها، وبين أحاديث الباب؛ فقيل: حديث "أسامة" منسوخ: بحديث أبي سعيد المذكور.

قال النووي: وقد أجمع المسلمون على ترك العمل بظاهره. وهذا يدل على نسخه. انتهى.

[ ص: 44 ] قلت: ولكن النسخ لا يثبت بمثل ذلك، ولا بالاحتمال.

وقيل: إنما القصد في قوله "لا ربا": نفي الأكمل، لا نفي الأصل.

وأيضا، نفيه من حديث أسامة إنما هو بالمفهوم. فحديث أبي سعيد يقدم عليه، لأن دلالته بالمنطوق. ويحمل حديثه على الربا الأكبر.

وأيضا، أحاديث التحريم هذه، عن جماعة من الصحابة في الصحيحين وغيرهما. فلو فرض معارضة حديث أسامة لها من جميع الوجوه، وعدم إمكان الجمع والترجيح: لكان الثابت عن الجماعة، أرجح من الثابت عن الواحد.

قال النووي: تأوله آخرون تأويلات؛

أحدها: أنه محمول على غير الربويات، وهو كبيع الدين بالدين مؤجلا.

الثاني: أنه محمول على الأجناس المختلفة، حيث يجوز تفاضلها يدا بيد.

الثالث: أنه مجمل، وحديث عبادة وأبي سعيد وغيرهما: مبين. فوجب العمل بالمبين، وتنزيل المجمل عليه. هذا جواب الشافعي رحمه الله. انتهى.

التالي السابق


الخدمات العلمية