السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3007 باب البيع والرهن

وقال النووي: ( باب الرهن، وجوازه في الحضر كالسفر ) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص40 ج11 المطبعة المصرية

[ عن عائشة؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاما إلى أجل، ورهنه درعا له، من حديد .]


(الشرح)

(عن عائشة ) رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اشترى من يهودي ) . هو "أبو الشحم"، رجل من بني ظفر. وهم بطن من الأوس.

(طعاما إلى أجل، ورهنه درعا له، من حديد ) .

"الرهن" بفتح الراء وسكون الهاء، في اللغة: "الاحتباس". من قولهم: "رهن الشيء"، إذا دام وثبت. ومنه: كل نفس بما كسبت رهينة

[ ص: 90 ] وفي الشرع: جعل مال، وثيقة على دين. ويطلق أيضا على العين المرهونة.

والحديث: فيه دليل على جواز معاملة أهل الذمة. والحكم بثبوت أملاكهم على ما في أيديهم.

وفيه: بيان ما كان عليه النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، من التقلل من الدنيا، وملازمة الفقر.

وفيه: جواز الرهن. وجواز رهن آلة الحرب، عند أهل الذمة. وجواز الرهن في الحضر، وبه قال أئمة الفقهاء الأربعة، والعلماء كافة، إلا مجاهدا ودواد فقالا: لا يجوز إلا في السفر، تعلقة بقوله تعالى: وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة . والحديث يرد عليهم.

واحتج الجمهور: بهذا الحديث. وهو مقدم على دليل خطاب الآية. وأيضا: التقييد بالسفر: خرج مخرج الغالب، فلا مفهوم له. لدلالة الحديث على مشروعيته في الحضر.

وأيضا "السفر" مظنة فقد الكاتب، فلا يحتاج إلى الرهن غالبا، إلا فيه.

وقال ابن حزم: إن شرط "المرتهن"، الرهن في الحضر: لم يكن له ذلك. وإن تبرع به الراهن: جاز. وحمل حديث الباب على ذلك. والله أعلم.

[ ص: 91 ] واشتراؤه صلى الله عليه وآله وسلم: "الطعام" من اليهودي، ورهنه عنده دون الصحابة: بيان لجواز ذلك.

وقيل: لأنه لم يكن هناك طعام فاضل عن حاجة صاحبه، إلا عنده.

وقيل: لأن الصحابة لا يأخذون رهنه، صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يقبضون منه الثمن. فعدل إلى معاملة اليهودي، لئلا يضيق على أحد من الصحابة.

قال النووي: وقد أجمع المسلمون، على جواز معاملة أهل الذمة، وغيرهم من الكفار: إذا لم يتحقق تحريم ما معه.

لكن لا يجوز للمسلم: أن يبيع أهل الحرب: سلاحا وآلة الحرب، ولا ما يستعينون به في إقامة دينهم. ولا بيع مصحف، ولا العبد المسلم: لكافر مطلقا. انتهى.

وفيه: جواز الشراء، بالثمن المؤجل.

التالي السابق


الخدمات العلمية