السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3086 باب وصية النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" بكتاب الله

وقال النووي: ( باب ترك الوصية، لمن ليس له شيء يوصي فيه ) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص87-88 ج11 المطبعة المصرية

[عن طلحة بن مصرف، قال: سألت عبد الله بن أبي أوفى: هل أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال: لا. قلت: فلم كتب على المسلمين الوصية ؟ -أو فلم أمروا بالوصية ؟- قال: أوصى بكتاب الله عز وجل .] .


(الشرح)

(عن طلحة بن مصرف ) ، بضم الميم وفتح الصاد وكسر الراء المشددة. وحكي فتح الراء. والصواب: الأول.

(قال سألت عبد الله بن أبي أوفى ) رضي الله عنهما، (هل أوصى رسول الله صلى الله عليه ) وآله (وسلم ؟ فقال: لا. قلت: فلم كتب على المسلمين الوصية ؟ - أو فلم أمروا بالوصية ؟ - ) .

[ ص: 151 ] مراده: قوله تعالى: كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية .

قال النووي: وهذه الآية منسوخة عند الجمهور. ويحتمل: أنه أراد بكتب الوصية: الندب إليها. انتهى.

قلت: وهذا الاحتمال يأباه كلامه هذا في الحديث صريحا، فإنه لما سمع: أن النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" لم يوص: اعترض عليه بذلك. والله أعلم.

(قال: أوصى بكتاب الله عز وجل ) أي: بالعمل بما فيه. وقد قال تعالى: ما فرطنا في الكتاب من شيء أي شيء من الأشياء؛

منها: ما يعلم منه نصا ومنها: ما يحصل بالاستنباط. قاله النووي.

قلت: وهذه الوصية، صارت كالمنسوخة في الأمة. لا تجد في مائة منهم، بل في ألف، بل آلاف: من يعمل بها متمسكا به في الأحكام، وإنما يتعلق به الجمهور من الناس تلاوة أو تبركا. وقد سماه رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم": "الثقل". وقال: "تركت فيكم الثقلين، لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنة رسوله". أو كما قال.

[ ص: 152 ] والحال: أن المسلمين قد تركوهما رأسا، ولا يلتفتون إليهما أصلا إلا من رحمه الله تعالى، وهذا من أشراط الساعة الكبرى، التي أظلت على الناس في هذه الأعصار والأمصار، وصارت ديانة أكثرهم: تقليدات الرجال. بل ادعاء الإسلام لسانا، والميل إلى غير هذا الدين، من نحل الفلاسفة، ومن تبعهم بالإساءة، من ولاة الأمور جنانا. وماذا بعد الحق إلا الضلال ؟ والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية