السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3055 باب من نحل بعض ولده، دون سائر بنيه

وقال النووي: ( باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة ) .

ولفظ المنتقى: (باب التعديل بين الأولاد، في العطية ) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص67 ج11 المطبعة المصرية

[(عن النعمان بن بشير ) رضي الله عنهما ( قال: تصدق علي أبي، ببعض ماله، فقالت أمي: عمرة بنت رواحة: لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه ) وآله (وسلم. فانطلق أبي إلى النبي، صلى الله عليه ) وآله (وسلم، ليشهده على صدقتي. فقال له رسول الله صلى الله عليه ) وآله (وسلم "أفعلت هذا بولدك كلهم ؟" قال: لا. قال" اتقوا الله، واعدلوا في أولادكم". فرجع أبي، فرد تلك الصدقة ) ].


[ ص: 170 ] (الشرح)

هذا الحديث: له طرق وألفاظ، في مسلم وغيره؛

وفي رواية: "فأرجعه".

وفي أخرى: "فاردده".

وفي رواية: "لا تشهدني إذا، فإني لا أشهد على جور".

وفي أخرى: "لا تشهدني على جور".

وفي رواية: "فأشهد على هذا غيري".

وفي أخرى: "فإني لا أشهد".

وفي رواية: "فليس يصلح هذا. وإني لا أشهد إلا على حق".

قال النووي: في هذا الحديث: أنه ينبغي أن يسوي بين أولاده في الهبة، ويهب لكل واحد منهم مثل الآخر، ولا يفضل. ويسوي بين الذكر والأنثى.

وقال بعض الشافعية: يكون للذكر مثل حظ الأنثيين.

قال: والصحيح المشهور: أنه يسوي بينهما، لظاهر الحديث. فلو فضل بعضهم، أو وهب لبعضهم دون بعض: فمذهب الشافعي، ومالك، وأبي حنيفة: أنه مكروه، وليس بحرام، والهبة صحيحة.

وقال طاووس، وعروة، ومجاهد، والثوري، وأحمد، وإسحاق، [ ص: 171 ] وداود: هو حرام. واحتجوا برواية: "لا أشهد على جور"، وبغيرها من ألفاظ الحديث.

واحتج الشافعي وموافقوه بقوله: "فأشهد على هذا غيري". والجور: هو الميل عن الاستواء. وكل ما خرج عن الاعتدال: فهو جور، سواء كان حراما أو مكروها.

قال الشافعية: يستحب أن يهب الباقين مثل الأول. فإن لم يفعل: استحب رد الأول، ولا يجب.

وفيه: جواز رجوع الوالد، في هبته للولد. انتهى حاصله.

وأقول: الذي تظاهرت عليه الأدلة الكثيرة الطيبة: أن التسوية في الهبة بين الأولاد: فرض متحتم، والتفضيل حرام. وأقوى المذاهب في هذه المسألة: مذهب إمام أهل السنة: أحمد بن حنبل، ومن وافقه. ورجحه العلامة الشوكاني في النيل، والسيل، والفتح الرباني. وهذا العبد الفاني في كتابه: "دليل الطالب". وهو الحق الذي لا محيص عنه.

ويؤيده: حديث ابن عباس عند الطبراني، والبيهقي، وسعيد بن منصور، بلفظ: "سووا بين أولادكم في العطية. ولو كنت مفضلا أحدا، لفضلت النساء". وقد حسن الحافظ في الفتح إسناده.

وقوله: "اعدلوا بين أولادكم": تمسك به من أوجب التسوية. وبه صرح البخاري.

ومن قال بالاستحباب: أجاب عن حديث الباب بأجوبة عشرة.

[ ص: 172 ] ذكرها في الفتح، ولخصها في النيل، مع زيادات مفيدة. فإن شئت أن تقف عليها: فراجعهما.

فالحق: أن التسوية واجبة. وأن التفضيل محرم. ولا فرق بين الذكر والأنثى.

وحديث الباب: رواه عدد كثير من التابعين، سماهم في شرح المنتقى.

التالي السابق


الخدمات العلمية