السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3068 [ ص: 176 ] باب منه

وهو في النووي في: (الباب المتقدم ) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص72 ج11 المطبعة المصرية

[عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أمسكوا عليكم أموالكم، ولا تفسدوها. فإنه من أعمر عمرى؛ فهي للذي أعمرها، حيا وميتا. ولعقبه" ]


(الشرح)

(عن جابر بن عبد الله ) رضي الله عنهما: (قال: قال رسول الله صلى الله عليه ) وآله (وسلم: أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها ) .

المراد به: إعلامهم: أن "العمرى" هبة صحيحة ماضية، يملكها الموهوب له ملكا تاما، لا يعود إلى الواهب أبدا.

فإذا علموا ذلك، فمن شاء: أعمر ودخل على بصيرة. ومن شاء: ترك. لأنهم كانوا يتوهمون أنها كالعارية، ويرجع فيها.

قال النووي: وهذا دليل للشافعي وموافقيه. والله أعلم.

(فإنه من أعمر عمرى؛ فهي للذي أعمرها، حيا وميتا. ولعقبه ) .

وبالجملة: للعمرى ثلاثة أحوال؛

[ ص: 177 ] الأول أن يقول: "أعمرتك هذه الدار، فإذا مت فهي لورثتك، أو لعقبك، فتصح بلا خلاف، ويملك بهذا اللفظ: رقبة الدار. وهي هبة، لكنها بعبارة طويلة. فإذا مات، فالدار لورثته. فإن لم يكن له وارث، فلبيت المال. ولا تعود إلى الواهب بحال، خلافا لمالك.

الثاني: أن يقتصر على قوله: "جعلتها لك عمرك". ولا يتعرض لما سواه. وهذا العقد صحيح في الجديد للشافعي. وله حكم الحال الأول.

والثالث: أن يقول: "جعلتها لك عمرك، فإذا مت عادت إلي أو إلى ورثتي إن كنت مت". وهذا صحيح أيضا، وله حكم الحال الأول.

قال النووي: واعتمدوا على الأحاديث الصحيحة المطلقة: "العمرى جائزة". وعدلوا به عن قياس الشروط الفاسدة. والأصح: الصحة في جميع الأحوال.

قال: هذا مذهبنا. وقال أحمد: تصح العمرى المطلقة دون المؤقتة. وقال مالك: هي في جميع الأحوال: تمليك لمنافع الدار مثلا، ولا يملك فيها رقبة الدار بحال. وقال أبو حنيفة بالصحة، كنحو مذهب الشافعية. وبه قال الثوري، وابن صالح، وأبو عبيدة.

وحجة الشافعي وموافقيه: هذه الأحاديث الصحيحة. انتهى.

التالي السابق


الخدمات العلمية