السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3129 [ ص: 209 ] كتاب النذور

وقال النووي: (كتاب النذر ) .

باب الوفاء بالنذر، إذا كان في طاعة الله

وقال النووي: ( باب نذر الكافر، وما يفعل فيه إذا أسلم ) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص125 ج11 المطبعة المصرية

[ (عن ابن عمر ) رضي الله عنهما؛ (أن عمر بن الخطاب ) رضي الله عنه، (سأل رسول الله صلى الله عليه ) وآله (وسلم، وهو بالجعرانة، بعد أن رجع من الطائف، فقال: يا رسول الله! إني نذرت في الجاهلية. أن أعتكف يوما في المسجد الحرام، فكيف ترى ؟ قال: "اذهب، فاعتكف يوما".

قال: وكان رسول الله صلى الله عليه ) وآله (وسلم، قد أعطاه جارية من الخمس. فلما أعتق رسول الله صلى الله عليه ) وآله (وسلم سبايا الناس، سمع عمر بن الخطاب ) رضي الله عنه: (أصواتهم يقولون: أعتقنا رسول الله صلى الله عليه ) وآله (وسلم. فقال: ما هذا ؟ فقالوا: أعتق رسول الله صلى الله عليه ) وآله (وسلم سبايا الناس. فقال عمر: يا عبد الله! اذهب إلى تلك الجارية، فخل سبيلها
) .]


[ ص: 210 ] (الشرح)

قال النووي: اختلف العلماء في صحة نذر الكافر؛

فقال مالك، وأبو حنيفة، وسائر الكوفيين، وجمهور الشافعية: لا يصح.

وقال المغيرة، والمخزومي، وأبو ثور، والبخاري، وابن جرير، وبعض الشافعية: يصح. وحجتهم: ظاهر هذا الحديث.

وأجاب الأولون عنه: أنه محمول على الاستحباب. أي: يستحب لك أن تفعل الآن، مثل ذلك الذي نذرته في الجاهلية. انتهى.

وأقول: الحق ما ذهب إليه الآخرون. ولا ملجئ إلى هذا التأويل.

قال: وفي هذا الحديث: دلالة لمذهب الشافعي وموافقيه: في صحة الاعتكاف بغير صوم. وفي صحته بالليل، كما يصح بالنهار، سواء كانت ليلة واحدة أو بعضها أو أكثر. ودليله: حديث عمر هذا.

قال: وأما الرواية التي فيها اعتكاف يوم، فلا تخالف رواية اعتكاف ليلة، لأنه يحتمل: أنه سأله عن اعتكاف ليلة ؟ وسأله عن اعتكاف يوم ؟ فأمره بالوفاء بما نذر. فحصل منه: صحة اعتكاف الليل وحده. ويؤيده رواية نافع عن ابن عمر: (أن عمر نذر: أن يعتكف ليلة، في المسجد الحرام، فسأل رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم" ؟ فقال له: "أوف بنذرك". فاعتكف عمر ليلة ) . رواه الدارقطني. قال: وإسناده ثابت.

[ ص: 211 ] قال: هذا مذهب الشافعي. وبه قال الحسن البصري، وأبو ثور، وداود، وابن المنذر. وهو أصح الروايتين عن أحمد. قال ابن المنذر: وهو مروي عن علي، وابن مسعود. وقال ابن عمر، وابن عباس، وعائشة، وعروة بن الزبير، والزهري، ومالك، والأوزاعي، والثوري، وأبو حنيفة، وأحمد وإسحاق في رواية عنهما: لا يصح إلا بصوم. وهو قول أكثر العلماء. انتهى.

وفي هذا الحديث: فضيلة لعمر "رضي الله عنه"، حيث خلى سبيل الجارية، اتباعا للسنة المسموعة، من غير توقف. وهكذا ينبغي لكل مسلم، يرجو الله واليوم الآخر.

التالي السابق


الخدمات العلمية