السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
196 [ ص: 251 ] باب : من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه، وجبت له النار

وقال النووي ، في الجزء الأول من شرحه لمسلم : ( باب وعيد من اقتطع حق مسلم ، بيمين فاجرة : بالنار ) .

(حديث الباب )

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 157 ج2 المطبعة المصرية

[ عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه، فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة" فقال له رجل: وإن كان شيئا يسيرا، يا رسول الله؟ قال: "وإن قضيبا من أراك" .]


(الشرح)

(عن أبي أمامة ) يعني : الحارثي ، (أن رسول الله صلى الله عليه ) وآله (وسلم قال : " من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه ، فقد أوجب الله له النار ، وحرم عليه الجنة " ) .

التقييد بالمسلم : ليس لإخراج غير المسلم. بل كان تخصيص المسلمين بالذكر ، لكون الخطاب معهم.

ويحتمل : أن تكون العقوبة العظيمة مختصة بالمسلمين. وإن كان أصل العقوبة لازما في حق الكفار.

[ ص: 252 ] وفي رواية أخرى : " لقي الله ، وهو عليه غضبان ".

ولا بد من تقييد ذلك : بعدم التوبة. وأما من تاب فندم على فعله ، ورد الحق إلى صاحبه ، وتحلل منه ، وعزم ) على أن لا يعود : فقد سقط عنه الإثم.

فقال له رجل: وإن كان شيئا يسيرا ؟. قال : " وإن قضيبا من أراك " ) . هكذا في أكثر الأصول. أو في كثير منها. وفي بعضها : " وإن قضيب من أراك ". هذا مبالغة في القلة. وأن استحقاق النار يكون بمجرد اليمين في اقتطاع الحق ، وإن كان شيئا يسيرا لا قيمة له.

وهذا الحديث أورده في المنتقى ، في باب : (التشديد في اليمين الكاذبة ) ، وقال : رواه أحمد ، ومسلم ، وابن ماجه ، والنسائي.

قال النووي : فيه لطيفة. وهي أن قوله " حق امرئ " : يدخل فيه من حلف على غير مال ؛ كجلد الميتة ، والسرجين ، وغير ذلك من النجاسات التي ينتفع بها. وكذا سائر الحقوق التي ليست بمال ؛ كحد القذف ، ونصيب الزوجة في القسم ، وغير ذلك.

قال : والحديث محمول على المستحل لذلك ، إذا مات على ذلك. فإنه يكفر ويخلد في النار.

( [ ص: 253 ] أو معناه : فقد استحق النار ، ويجوز العفو عنه ، وقد حرم عليه دخول الجنة أول وهلة مع الفائزين.

قال : وفي هذا الحديث : دلالة لمذهب مالك ، والشافعي ، وأحمد ، والجماهير : أن حكم الحاكم لا يبيح للإنسان ما لم يكن له ، خلافا لأبي حنيفة.

وفيه : بيان غلظ تحريم حقوق المسلمين ، وأنه لا فرق بين قليل الحق و كثيره ، لقوله - صلى الله عليه وآله وسلم - " وإن قضيبا من أراك ".

التالي السابق


الخدمات العلمية