السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
158 باب من قتل نفسه بشيء عذب به في النار

وقال النووي ، في الجزء الأول : ( باب بيان غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه ، وأن من قتل نفسه بشيء عذب به في النار ، وأنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة. وهو في المنتقى في : (باب ما جاء في توبة القاتل ، والتشديد في القتل ) .

(حديث الباب )

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 118 ج 2 المطبعة المصرية

عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله : " من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه، في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا. ومن شرب سما فقتل نفسه، فهو يتحساه في نار جهنم، خالدا مخلدا فيها أبدا. ومن تردى من جبل فقتل نفسه، فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ".]
[ ص: 289 ] (الشرح)

عن أبي هريرة رضي الله عنه ، (قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله (وسلم : من قتل نفسه بحديدة ، فحديدته في يده يتوجأ ) أي : يطعن ويضرب (بها في بطنه ، في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا. ومن شرب سما ) بضم السين وفتحها وكسرها ثلاث لغات. أفصحهن : الثالثة ، في المطالع ، وجمعه : "سمام ".

(فقتل نفسه ، فهو يتحساه (أي : يشربه في تمهل ، ويتجرعه.

(في نار جهنم ، خالدا مخلدا فيها أبدا ) هو اسم النار الآخرة. عافانا الله منها ، ومن كل بلاء.

(ومن تردى من جبل فقتل نفسه ، فهو يتردى (أي : ينزل (في نار جهنم ، خالدا مخلدا فيها أبدا ) .

قال يونس ، وأكثر النحويين : "جهنم " عجمية لا تنصرف ، للعجمة والتعريف.

وقال آخرون : هي عربية ، لم تنصرف للتأنيث والعلمية. سميت بذلك ، لبعد قعرها. قال رؤبة : يقال : " بئر جهنام " ، أي بعيدة القعر.

وقيل : هي مشتقة من " الجهومة " وهي الغلظ. يقال : جهم الوجه. أي : غليظه. فسميت "جهنم " : لغلظ أمرها.

( [ ص: 290 ] ودلالة هذا الحديث على ترجمة الباب واضحة ) .

وفي الباب : أحاديث عند مسلم ، بطرق وألفاظ ؛

منها : " من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة ". وفي لفظ : " بشيء في الدنيا".

وفي رواية : " عذبه الله به في نار جهنم".

وفي أخرى : " من ذبح نفسه بشيء ، ذبح به يوم القيامة ". والمعاني مخرجها متقارب.

وفيه : أقوال ؛

أحدها : أنه محمول على من فعل ذلك مستحلا ، مع علمه بالتحريم. فهذا كافر. وهذه عقوبته.

والثاني : أن المراد بالخلود : طول المدة ، والإقامة المتطاولة ، لا حقيقة الدوام. كما يقال : خلد الله ملك السلطان.

والثالث : أن هذا جزاؤه. ولكن تكرم سبحانه وتعالى فأخبر : أنه لا يخلد في النار من مات مسلما.

قال عياض : فيه دليل ، على أن القصاص من القاتل ، يكون بما قتل به محددا كان ، أو غيره ، اقتداء بعقاب الله تعالى لقاتل نفسه. قال النووي : والاستدلال بهذا لهذا ، ضعيف. انتهى.

التالي السابق


الخدمات العلمية