السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3201 [ ص: 342 ] باب رجم الثيب في الزنا

وذكره النووي في (باب حد الزنا ) .

(حديث الباب )

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 191 - 192 ج11 المطبعة المصرية

[ عن ابن شهاب ، قال : أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ؛ أنه سمع عبد الله بن عباس يقول : قال عمر بن الخطاب (وهو جالس على منبر رسول الله ) : : إن الله قد بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق ، وأنزل عليه الكتاب. فكان مما أنزل عليه: آية الرجم. قرأناها ووعيناها وعقلناها. فرجم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورجمنا بعده. فأخشى (إن طال بالناس زمان ) أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله. فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله .

وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى (إذا أحصن ) من الرجال، والنساء، إذا قامت البينة، أو كان الحبل، أو الاعتراف
.]
(الشرح)

(عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، أنه سمع عبد الله بن عباس ) رضي الله عنهما (يقول : قال عمر بن الخطاب ) رضي الله عنه ، (وهو جالس على منبر رسول الله صلى الله عليه وآله (وسلم : إن الله [ ص: 343 ] قد بعث محمدا ) صلى الله عليه وآله وسلم (بالحق ، وأنزل عليه الكتاب. فكان مما أنزل الله عليه : آية الرجم. قرأناها ووعيناها وعقلناها (.

أراد بآية الرجم : " الشيخ والشيخة إذا زنيا ، فارجموهما ألبتة ".

وهذه المقالة وقعت من عمر ، لما صدر من الحج وقدم المدينة.

وهذا مما نسخ لفظه وبقي حكمه. وقد وقع نسخ حكم دون اللفظ.

ووقع نسخهما جميعا ، فما نسخ لفظه ليس له حكم القرآن ، في تحريمه على الجنب ونحو ذلك. قاله النووي.

وفي ترك الصحابة كتابة هذه الآية : دلالة ظاهرة ، على أن المنسوخ لفظا : لا يكتب في المصحف.

وفي إعلان " عمر " الرجم وهو على المنبر ، وسكوت الصحابة وغيرهم من الحاضرين عن مخالفته بالإنكار : دليل على ثبوت الرجم.

قال النووي : وقد يستدل به على أنه لا يجلد مع الرجم. وقد تمتنع دلالته ، لأنه لم يتعرض للجلد ، وقد ثبت في القرآن والسنة. انتهى.

[ ص: 344 ] وتقدم الجواب على المنع ، من الجمع بينهما.

(فرجم رسول الله صلى الله عليه ) وآله (وسلم ، ورجمنا بعده ) .

ونسخ التلاوة ، لا يستلزم نسخ الحكم ، وأخرج أحمد ، والطبراني في الكبير ، من حديث أبي أمامة بن سهل عن خالته " العجماء " : أن فيما أنزل الله من القرآن : الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة ، بما قضيا من اللذة ". وأخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي بن كعب ، بلفظ : " كانت سورة الأحزاب توازي سورة البقرة ، وكان فيها آية الرجم : الشيخ والشيخة" الحديث.

(فأخشى " إن طال بالناس زمان " أن يقول قائل : ما نجد الرجم في كتاب الله تعالى. فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله ) .

هذا الذي خشيه ، قد وقع من الخوارج ومن وافقهم من المعتزلة ؛ أنكروا ثبوت مشروعية الرجم.

وعن ابن عباس ، أن عمر قال : سيجيء أقوام ، يكذبون بالرجم. رواه الطبراني ، وعبد الرزاق.

وفي رواية : " وإن ناسا يقولون : ما بال الرجم ؟ فإن ما في ( [ ص: 345 ] كتاب الله تعالى : الجلد " رواه النسائي وهذا من كرامات عمر " رضي الله عنه ".

قال النووي : ويحتمل أنه علم ذلك من جهة النبي ، صلى الله عليه وآله وسلم.

قلت : وفي النيل : هذا من المواطن ، التي وافق حدس عمر فيها : الصواب. وقد وصفه صلى الله عليه وآله وسلم بارتفاع طبقته في ذلك الشأن. كما قال : " إن يكن في هذه الأمة محدثون فمنهم عمر ) . انتهى.

(وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى " إذا أحصن " من الرجال والنساء ، إذا قامت البينة ، أو كان الحبل ، أو الاعتراف ) .

قال النووي : أجمع العلماء على أن الرجم ، لا يكون إلا على من زنى وهو محصن.

وأجمعوا على أنه ؛ إذا قامت البينة بزناه وهو محصن : يرجم.

وأجمعوا على أن البينة ؛ أربعة شهداء ذكور عدول. هذا إذا شهدوا على نفس الزنا. ولا يقبل دون الأربعة. وإن اختلفوا في صفاتهم.

وأجمعوا على وجوب الرجم ، على من اعترف بالزنا وهو محصن ، يصح إقراره بالحد.

[ ص: 346 ] واختلفوا في اشتراط تكرار إقراره أربع مرات. انتهى.

والحق : عدم التكرار. قال وأما الحبل وحده ، فمذهب عمر : وجوب الحد به ، إذا لم يكن لها زوج ولا سيد. وتابعه مالك ، وأصحابه. قالوا : إلا أن تكون غريبة طارئة ، وتدعي أنه من زوج أو سيد.

قالوا : ولا تقبل دعواها : الإكراه ، إذا لم تقم بذلك مستغيثة ، عند الإكراه ، قبل ظهور الحمل.

وقال الشافعي ، وأبو حنيفة ، وجماهير العلماء : لا حد عليها بمجرد الحبل مطلقا ، إلا ببينة ، أو اعتراف. لأن الحدود تسقط بالشبهات. انتهى.

قال في النيل : والحاصل : أن هذا من قول عمر. ومثل ذلك ، لا يثبت به مثل هذا الأمر العظيم ، الذي يفضي إلى هلاك النفوس.

وكونه قاله في مجمع من الصحابة ، ولم ينكر عليه : لا يستلزم أن يكون إجماعا. لأن الإنكار في مسائل الاجتهاد ، غير لازم للمخالف ، ولاسيما والقائل بذلك "عمر"، وهو بمنزلة من المهابة في صدور الصحابة [ ص: 347 ] وغيرهم. اللهم ! إلا أن يدعي : أن قوله هذا ، من تمام ما يرويه عن كتاب الله تعالى. ولكنه خلاف الظاهر ، لأن الذي كان في كتاب الله : هو ما سلف. انتهى.

التالي السابق


الخدمات العلمية