السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3211 باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنا

وذكره النووي في : (باب حد الزنا ) .

وقال في المنتقى : ( باب رجم المحصن من أهل الكتاب. وأن الإسلام ليس بشرط في الإحصان ) .

(حديث الباب )

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 208 - 209 ج11 المطبعة المصرية

[ عن نافع ؛ أن عبد الله بن عمر أخبره ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بيهودي ويهودية قد زنيا. فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى جاء يهود. فقال : "ما تجدون في التوراة على من زنى ؟" قالوا: نسود وجوههما ونحملهما، ونخالف بين وجوههما، ويطاف بهما. قال: "فأتوا بالتوراة إن كنتم صادقين" فجاءوا بها فقرءوها حتى إذا مروا بآية الرجم (وضع الفتى ) الذي يقرأ يده على آية الرجم، وقرأ ما بين يديها وما وراءها، فقال له عبد الله بن سلام (وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : مره فليرفع يده. فرفعها، فإذا تحتها آية الرجم. فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما.

[ ص: 363 ] قال عبد الله بن عمر : كنت فيمن رجمهما. فلقد رأيته يقيها من الحجارة بنفسه
].


(الشرح)

(عن عبد الله بن عمر ، رضي الله عنهما : (أن رسول الله صلى الله عليه وآله (وسلم أتي بيهودي ويهودية قد زنيا. فانطلق رسول الله صلى الله عليه ) وآله (وسلم ، حتى جاء يهود. فقال : "ما تجدون في التوراة على من زنى ؟ " ) .

قال النووي : قال العلماء : هذا السؤال ليس لتقليدهم ، ولا لمعرفة الحكم منهم. وإنما هو لإلزامهم بما يعتقدونه في كتابهم. ولعله صلى الله عليه وآله وسلم ، قد أوحي إليه : أن " الرجم " في التوراة الموجودة في أيديهم. لم يغيروه ، كما غيروا أشياء. أو أنه أخبره بذلك : من أسلم منهم. ولهذا لم يخف ذلك عليه ، حين كتموه.

(قالوا : نسود وجوههما ونحملهما ) هكذا هو في أكثر النسخ " بالحاء واللام " وفي بعضها : " بالجيم ". وفي بعضها "نحممهما " ميمين.

قال النووي : وكلها متقارب. ومعنى الأول : نحملهما على حمل. [ ص: 364 ] ومعنى الثاني : نحملهما جميعا على الجمل.

ومعنى الثالث : نسود وجوههما بالحمم بضم الحاء وفتح الميم. وهو " الفحم " قال : وهذا الثالث ضعيف. لأنه قال قبله : نسود وجوههما.

(ونخالف بين وجوههما ) بأن يكون وجه أحدهما إلى مؤخر الدابة ، وظهره إلى ظهر الآخر.

(ويطاف بهما. قال : " فائتوا بالتوراة ، إن كنتم صادقين ". فجاءوا بها فقرءوها ، حتى إذا مروا بآية الرجم ، وضع الفتى " الذي يقرأ " يده على آية الرجم ، وقرأ ما بين يديها وما وراءها. فقال له عبد الله ابن سلام (وهو مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ) : مره فليرفع يده. فرفعها ، فإذا تحتها آية الرجم. فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه ) وآله (وسلم ، فرجما. قال عبد الله بن عمر : كنت فيمن رجمهما. فلقد رأيته يقيها من الحجارة بنفسه ) .

هذا الحديث : يدل على أن حد الزنا يقام على الكافر ، كما يقام على المسلم.

وحكي في البحر : الإجماع على جلد الحربي.

وأما الرجم ؛ فذهب الشافعي ، وأبو يوسف : إلى رجم المحصن [ ص: 365 ] وذهب أبو حنيفة ، ومحمد : إلى أنه يجلد ، ولا يرجم. وقال مالك : لا حد عليه.

وأحاديث الباب : تدل على أنه يحد الذمي ، كما يحد المسلم. والحربي ، والمستأمن : يلحقان بالذمي ، بجامع الكفر.

قال النووي : في هذا دليل لوجوب حد الزنا على الكافر. وأنه يصح نكاحه ، لأنه لا يجب الرجم إلا على محصن. فلو لم يصح نكاحه ؛ لم يثبت إحصانه ، ولم يرجم.

قال في النيل : بالغ " ابن عبد البر " فنقل الاتفاق على أن شرط الإحصان الموجب للرجم : هو الإسلام. قال : ونصب مثله في مقابلة أحاديث الباب : من الغرائب.

قال النووي : وقال مالك : لا يصح إحصان الكافر. وقال : إنما رجمهما ، لأنهما لم يكونا أهل ذمة.

قال : وهذا تأويل باطل. لأنهما كانا من أهل العهد ، ولأنه رجم المرأة ، والنساء لا يجوز قتلهن مطلقا..

قال : وفيه : أن الكفار مخاطبون بفروع الشرع. وهو الصحيح.

وفيه : أن الكفار إذا تحاكموا إلينا ، حكم القاضي بينهم بحكم شرعنا.

[ ص: 366 ] قال : والظاهر : أنه رجمه بالإقرار ، لا بالبينة. وقد جاء في سنن أبي داود ، وغيره : " أنه شهد عليهما أربعة : أنهم رأوا ذكره في فرجها " فإن صح هذا ، وكان الشهود مسلمين : فظاهر. وإن كانوا كفارا : فلا اعتبار بشهادتهم. ويتعين : أنهما أقرا بالزنا. والله أعلم بالصواب.

التالي السابق


الخدمات العلمية