السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3217 [ ص: 369 ] باب إقامة السيد الحد على رقيقه

وذكره النووي في : (باب حد الزنا ) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم النووي ص 214 ج 11 المطبعة المصرية

[عن زائدة عن السدي ، عن سعد بن عبيدة ، عن أبي عبد الرحمن؛ قال : خطب علي فقال : يا أيها الناس ! أقيموا على أرقائكم الحد. (من أحصن منهم ، ومن لم يحصن ) . فإن أمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم زنت. فأمرني: أن أجلدها. فإذا هي حديث عهد بنفاس فخشيت (إن أنا جلدتها ) : أن أقتلها . فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم. فقال: "أحسنت" .

وفي رواية إسرائيل عن السدي ، بهذا الإسناد. ولم يذكر: " من أحصن منهم ، ومن لم يحصن" وزاد في الحديث : " اتركها حتى تماثل ".]
(الشرح)

(عن أبي عبد الرحمن ، قال : خطب علي كرم الله وجهه (فقال : يا أيها الناس ! أقيموا على أرقائكم الحد "من أحصن منهم ، ومن لم يحصن " ) .

[ ص: 370 ] أما المحصنة ؛ فلقوله تعالى : فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب . والمراد منه : " الجلد ، لأنه الذي ينتصف. وأما الرجم ، فلا ينتصف. فليس مرادا في الآية بلا شك. فليس للأمة المزوجة ، الموطوءة في النكاح : حكم الحرة الموطوءة في النكاح. وقد أجمعوا : على أنها لا ترجم.

وأما غير المحصنة ؛ فقد علمنا : أن عليها نصف جلد المزوجة ، بالأحاديث الصحيحة ؛ منها : حديث مالك. وباقي الروايات المطلقة : " إذا زنت أمة أحدكم ، فليجلدها ". وهذا يتناول المزوجة ، وغيرها.

فحصل من الآية ، والأحاديث : أن الأمة المحصنة ، وغير المحصنة : تجلد.

قال النووي : ووجوب نصف الجلد على الأمة ، سواء كانت مزوجة أم لا : مذهب الشافعي ، ومالك ، وأبي حنيفة ، وأحمد ، وجماهير علماء الأمة. وقال جماعة من السلف : لا حد على من لم تكن مزوجة ، من الإماء والعبيد ) .

(فإن أمة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زنت. فأمرني : أن أجلدها. فإذا هي حديث عهد بنفاس. فخشيت " إن أنا جلدتها".

[ ص: 371 ] أن أقتلها. فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه ) وآله (وسلم ، فقال : " أحسنت " ) .

فيه : أن " الجلد " واجب على الأمة الزانية. وأن النفساء والمريضة ونحوهما : يؤخر جلدهما إلى البرء.

وزاد في رواية ؛ " اتركها حتى تماثل"..

وفي رواية أخرى عن علي ، عند أحمد وأبي داود : (فأتيتها ، فوجدتها لم تجف من دمها. فأتيته فأخبرته ، فقال : " إذا جفت من دمها ، فأقم عليها الحد. أقيموا الحدود ، على ما ملكت أيمانكم " ) .

وفيه : دليل على أن السيد ، يقيم الحد على مملوكه. وإلى ذلك ذهب جماعة من السلف ، والشافعي.

وذهب مالك : إلى أن الأمة إن كانت مزوجة : كان أمر حدها إلى الإمام. إلا أن يكون زوجها عبدا لسيدها. فأمر حدها إلى السيد.

وذهبت الحنفية : إلى أنه لا يقيم الحدود على المماليك ، إلا الإمام مطلقا.

وظاهر أحاديث الباب : أنه يحد المملوك سيده. من غير فرق بين أن يكون الإمام موجودا ، أو معدوما. وبين أن يكون السيد صالحا لإقامة الحد ، أم لا.

وقال ابن حزم : يقيمه السيد إلا إذا كان كافرا. والله أعلم.

[ ص: 372 ] حد السرقة

قال عياض : صان الله الأموال ، بإيجاب القطع على السارق. ولم يجعل ذلك في غير السرقة ؛ كالاختلاس ، والانتهاب ، والغصب. لأن ذلك قليل بالنسبة إلى السرقة. ولأنه يمكن استرجاع هذا النوع ، بالاستدعاء إلى ولاة الأمور ، وتسهل إقامة البينة عليه. بخلاف السرقة ، فإنه تندر إقامة البينة عليها ، فعظم أمرها ، واشتدت عقوبتها ، ليكون أبلغ في الزجر عنها. وقد أجمع المسلمون : على قطع يد السارق في الجملة ، وإن اختلفوا في فروع منه.

وهذا القطع ، هو المراد بحد السرقة هنا. والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية