السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3195 باب القطع في البيضة

وذكره النووي في : (الباب المتقدم ) .

(حديث الباب )

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 185 ج 11 المطبعة المصرية

[ (عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لعن الله السارق؛ يسرق البيضة فتقطع يده. ويسرق الحبل فتقطع يده ) .

وفي رواية : " إن سرق حبلا ، وإن سرق بيضة ".]
[ ص: 377 ] (الشرح)

فيه : دليل لجواز لعن غير المعين من العصاة. لأنه لعن للجنس ، لا لمعين. ولعن الجنس : جائز ، كما قال تعالى : ألا لعنة الله على الظالمين .

وأما المعين : فلا يجوز لعنه. قال عياض : وأجاز بعضهم لعن المعين ، ما لم يحد. فإذا حد ، لم يجز لعنه. فإن الحدود كفارات لأهلها.

قال : وهذا التأويل باطل للأحاديث الصحيحة ، في النهي عن اللعن. فيجب حمل النهي على المعين ، ليجمع بين الأحاديث.

هذا وقال الجماعة : المراد بالبيضة " هنا : بيضة الحديد. وحبل السفينة. وكل واحد منهما يساوي أكثر من ربع دينار. وأنكر المحققون هذا وضعفوه. وقالوا : لهما قيمة ظاهرة ، وليس هذا السياق موضع استعمالهما ، بل بلاغة الكلام تأباه. ولأنه لا يذم في العادة : من خاطر بيده في شيء له قدر. وإنما يذم من خاطر بها فيما لا قدر له. فهو موضع تقليل لا تكثير.

والصواب : أن المراد : التنبيه على عظيم ما خسر. وهي يده في [ ص: 378 ] مقابلة حقير من المال ، وهو ربع دينار. فإنه يشارك البيضة والحبل : في الحقارة.

أو أراد : جنس البيض ، وجنس الحبال.

أو أنه إذا سرق البيضة فلم يقطع ، جره ذلك إلى سرقة ما هو أكثر منها ، فقطع. فكانت سرقة البيضة ، هي سبب قطعه.

أو أن المراد به : قد يسرق البيضة والحبل ، فيقطعه بعض الولاة سياسة ، لا قطعا جائزا شرعا.

وقيل : إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال هذا عند نزول آية السرقة مجملة ، من غير بيان نصاب. فقاله على ظاهر اللفظ.

هذا كلام النووي " رحمه الله تعالى ".

وفي النيل يمكن أن يقال : المراد : المبالغة في التنفير عن السرقة ، وجعل ما لا قطع فيه ، بمنزلة ما فيه القطع. كما في حديث : (من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة ) . وحديث : "تصدقي ، ولو بظلف محرق ". مع أن " مفحص القطاة " : لا يكون مسجدا. و" الظلف المحرق " : لا ثواب في التصدق به ، لعدم نفعه. ولكن مقام الترغيب في بناء المساجد ، والصدقة : اقتضى ذلك. انتهى.

وهذا الوجه ، هو الأولى. والترهيب يساوي الترغيب في البيان. والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية