السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3222 [ ص: 394 ] باب جلد التعزير

وقال النووي : ( باب قدر أسواط التعزير ) .

وهو في المنتقى في : (باب ما جاء في قدر التعزير ) .

(حديث الباب )

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 221 ج 11 المطبعة المصرية

[ عن أبي بردة الأنصاري ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يجلد أحد فوق عشرة أسواط، إلا في حد من حدود الله ".]
(الشرح)

(عن أبي بردة ) بن نيار (الأنصاري ) رضي الله عنه : (أنه سمع رسول الله صلى الله عليه ) وآله (وسلم يقول : لا يجلد أحد (ضبط بوجهين : معروف ، ومجهول. قال النووي : وكلاهما صحيح.

وزاد في النيل : وروي بصيغة النهي مجزوما. وبصيغة النفي مرفوعا.

(فوق عشرة أسواط (وفي رواية : " ضربات" (إلا في حد من حدود الله ) .

المراد به : ما ورد عن الشارع مقدرا بعدد مخصوص ؛ كحد الزنا ، والقذف ، ونحوهما.

[ ص: 395 ] وقيل : المراد بالحد هنا : عقوبة المعصية مطلقا. لا الأشياء المخصوصة. فإن ذلك التخصيص إنما هو من اصطلاح الفقهاء. وعرف الشارع : إطلاق الحد على كل عقوبة لمعصية من المعاصي ، كبيرة أو صغيرة. ونسب ابن دقيق العيد هذه المقالة : إلى بعض المعاصرين له. وإليها ذهب الحافظ ابن القيم. وقال : المراد بالنهي المذكور في التأديب للمصالح ؛ كتأديب الأب ابنه الصغير. واعترض على ذلك : بأنه قد ظهر أن الشارع يطلق الحدود على العقوبات المخصوصة. ويؤيده قول عبد الرحمن بن عوف : إن أخف الحدود : " ثمانون".

وقد ذهب إلى العمل بحديث الباب ، جماعة من أهل العلم ، منهم : الليث ، وأحمد ، وأشهب المالكي ، وبعض الشافعية.

وذهب أبو حنيفة ، والشافعي : إلى جواز الزيادة على عشرة أسواط. ولكن لا يبلغ إلى أدنى الحدود. ونسبه النووي إلى الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم. وقال : قال أصحابنا : إن الحديث منسوخ.

وتأوله المالكية على أنه كان ذلك مختصا بزمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. لأنه كان يكفي الجاني منهم هذا القدر. قال : وهذا التأويل ضعيف. انتهى.

قلت : وهكذا القول بنسخ الحديث. فإن النسخ لا يثبت إلا بدليل. وأين الدليل ؟ قال البيهقي : عن الصحابة آثار مختلفة في مقدار التعزير. وأحسن ما يصار إليه في هذا : ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ثم ذكر حديث أبي بردة هذا.

[ ص: 396 ] قال الحافظ : فتبين بما نقله عن الصحابة : أن لا اتفاق على عمل في ذلك. فكيف يدعى نسخ الحديث الثابت ، ويصار إلى ما خالفه من غير برهان ؟

قال الشوكاني : والحق العمل بما دل عليه الحديث الصحيح المذكور في الباب. وليس لمن خالفه متمسك يصلح للمعارضة. وقد نقل القرطبي عن الجمهور : أنهم قالوا بما دل عليه. وخالفه النووي ، فنقل عن الجمهور : عدم القول به. ولكن إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل. فلا ينبغي لمنصف : التعويل على قول أحد ، عند قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.


دعوا كل قول عند قول محمد فما آمن في دينه كمخاطر

.

انتهى حاصله.

التالي السابق


الخدمات العلمية