السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
329 [ ص: 425 ] (كتاب الوضوء):

وسيأتي معناه. وأصله من "الوضاءة" وهي "الحسن، والنظافة".

وسمي وضوء الصلاة وضوءا؛ لأنه ينظف المتوضئ ويحسنه.

وقال النووي: "كتاب الطهارة، وأصلها النظافة والتنزه".

(لا يقبل الله صلاة بغير طهور)

وقال النووي: (باب وجوب الطهارة للصلاة).

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 102 - 104 ج3 المطبعة المصرية

[عن مصعب بن سعد ، قال: دخل عبد الله بن عمر على ابن عامر يعوده وهو مريض، فقال: ألا تدعو الله لي يا ابن عمر ؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول وكنت على البصرة .


(الشرح)

عن مصعب بن سعد قال: دخل عبد الله بن عمر، على ابن عامر يعوده، وهو مريض. فقال: ألا تدعو الله لي يا ابن عمر؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تقبل صلاة بغير طهور".

[ ص: 426 ] "الطهور، والوضوء" بالضم. إذا أريد بهما "الفعل" الذي هو المصدر.

"وبالفتح فيهما"؛ إذا أريد بهما "الماء" الذي يتطهر به. هكذا نقله ابن الأنباري، وجماعات من أهل اللغة، وغيرهم، عن أكثر أهل اللغة.

وذهب الخليل، والأصمعي، وأبو حاتم السجستاني، والأزهري، وجماعة، إلى أنه "بالفتح فيهما".

قال صاحب "المطالع": وحكي "الضم فيهما جميعا".

وفي حديث أبي هريرة عند مسلم يرفعه "لا تقبل صلاة أحدكم" إذا أحدث حتى يتوضأ، أي: يتطهر بماء أو تراب.

وإنما اقتصر صلى الله عليه وسلم على الوضوء؛ لكونه الأصل، والغالب.

واختلفوا: متى فرض الوضوء؟ والجمهور على فرضيته أول الإسلام.

واختلفوا أيضا في أن الوضوء: فرض على كل قائم إلى الصلاة أم على المحدث؟ والحق أنه لم يشرع إلا لمن أحدث؛ ولكن تجديده لكل صلاة مستحب. وعليه اتفق أهل الفتوى، ولم يبق بينهم فيه خلاف.

وأجمعت الأمة على تحريم الصلاة بغير طهارة؛ من ماء، أو تراب من غير فرق بين المكتوبة، والنافلة، وسجود التلاوة، والشكر، وصلاة الجنازة، ولو صلى محدثا متعمدا بلا عذر أثم، ولا يكفر عند الجماهير.

[ ص: 427 ] وهذا الحديث نص في وجوب الطهارة للصلاة.

قال النووي: وأجمعت الأمة على أن الطهارة شرط في صحة الصلاة انتهى.

(ولا صدقة من غلول) بضم "الغين" وهو "الخيانة"، وأصله "السرقة" من مال الغنيمة قبل القسمة.

"وكنت على البصرة"؛ أي: لست بسالم من "الغلول"، فقد كنت واليا على البصرة، وتعلقت بك تبعات من حقوق الله، وحقوق العباد.

ولا يقبل الدعاء لمن هذه صفته، كما لا تقبل الصلاة والصدقة، إلا من متصون.

والظاهر والله أعلم، أن "ابن عمر"، قصد زجر ابن عامر، وحثه على التوبة، وتحريضه على الإقلاع عن المخالفات.

ولم يرد القطع "حقيقة" بأن الدعاء للفساق لا ينفع. فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم والسلف والخلف يدعون للكفار وأصحاب المعاصي بالهداية والتوبة، والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية