السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3492 باب: غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها

وقال النووي : ( باب فضل الغدوة والروحة في سبيل الله) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 26 جـ 13 المطبعة المصرية

[عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لغدوة في سبيل الله أو روحة، خير من الدنيا وما فيها ".]
[ ص: 477 ] (الشرح)

(عن أنس) رضي الله عنه: (قال: قال رسول الله صلى الله عليه) وآله وسلم: لغدوة في سبيل الله أو روحة) .

" اللام" للابتداء. " الغدوة"، بفتح الغين: السير أول النهار إلى الزوال. " والروحة ": السير من الزوال إلى آخر النهار. " وأو " هنا: للتقسيم. لا للشك.

ومعناه: أن " الغدوة " يحصل بها هذا الثواب. وكذا " الروحة ".

قال النووي : والظاهر أنه لا يختص ذلك بالغدو والرواح من بلدته، بل يحصل هذا الثواب بكل غدوة أو روحة، في طريقه إلى الغزو.

وكذا غدوة وروحة في موضع القتال. لأن الجميع يسمى: " غدوة وروحة في سبيل الله ".

(خير من الدنيا وما فيها) .

قال النووي : معناه: أن فضل الغدوة والروحة في سبيل الله وثوابهما: خير من نعيم الدنيا كلها، لو ملكها إنسان وتصور تنعمه بها كلها. لأنه زائل، ونعيم الآخرة باق. قال عياض : وقيل في معناه (ومعنى نظائره من تمثيل أمور الآخرة وثوابها بأمور الدنيا): أنها خير من الدنيا وما فيها، لو ملكها إنسان وملك جميع ما فيها، وأنفقه في أمور الآخرة.

[ ص: 478 ] قال هذا القائل: وليس تمثيل الباقي بالفاني على ظاهر إطلاقه. انتهى.

وقال ابن دقيق العيد: يحتمل وجهين:

أحدهما: أن يكون من باب تنزيل الغائب منزلة المحسوس، تحقيقا له في النفس، لكون الدنيا محسوسة في النفس مستعظمة في الطباع. ولذلك وقعت المفاضلة بها. وإلا فمن المعلوم: أن جميع ما في الدنيا لا يساوي ذرة مما في الجنة.

والثاني: أن المراد: أن هذا القدر من الثواب، خير من الثواب الذي يحصل لمن لو حصلت له الدنيا كلها لأنفقها في طاعة الله. ويؤيد هذا الثاني: حديث: " والذي نفسي بيده ! لو أنفقت ما في الأرض، ما أدركت فضل غدوتهم ". رواه ابن المبارك في " كتاب الجهاد " من مرسل الحسن .

والحاصل: أن المراد: تسهيل أمر الدنيا، وتعظيم أمر الجهاد. وأن من حصل له تلك الغدوة أو الروحة، فكأنه حصل له أعظم من جميع ما في [ ص: 479 ] الدنيا. فكيف لمن حصل منها أعلى الدرجات ؟! والنكتة في ذلك: أن سبب التأخير عن الجهاد: الميل إلى سبب من أسباب الدنيا.

التالي السابق


الخدمات العلمية