السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3522 [ ص: 488 ] باب رضى الله عن الشهداء، ورضاهم عنه

وذكره النووي في: (باب ثبوت الجنة للشهيد) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 46 - 47 جـ 13 المطبعة المصرية

[عن أنس بن مالك ؛ قال: جاء ناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: أن ابعث معنا رجالا يعلمونا القرآن والسنة. فبعث إليهم سبعين رجلا من الأنصار ، يقال لهم: "القراء"؛ فيهم خالي: حرام يقرءون القرآن ويتدارسون بالليل: يتعلمون. وكانوا بالنهار يجيئون بالماء، فيضعونه في المسجد. ويحتطبون فيبيعونه، ويشترون به الطعام لأهل الصفة ، وللفقراء. فبعثهم النبي صلى الله عليه وسلم إليهم. فعرضوا لهم: فقتلوهم، قبل أن يبلغوا المكان. فقالوا: اللهم! بلغ عنا نبينا؛ أنا قد لقيناك، فرضينا عنك، ورضيت عنا. قال: وأتى رجل حراما "خال أنس "، من خلفه، فطعنه برمح حتى أنفذه. فقال حرام : فزت ورب الكعبة ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " إن إخوانكم قد قتلوا، وإنهم قالوا: اللهم بلغ عنا نبينا؛ أنا قد لقيناك، فرضينا عنك، ورضيت عنا ".]
[ ص: 489 ] (الشرح)

(عن أنس) رضي الله عنه؛ (قال: جاء ناس إلى النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم فقالوا: أن ابعث معنا رجالا، يعلمونا القرآن والسنة. فبعث إليهم سبعين رجلا من الأنصار، يقال لهم: " القراء "؛ فيهم خالي "حرام". يقرأون القرآن، ويتدارسون بالليل: يتعلمون. وكانوا بالنهار يجيئون بالماء، فيضعونه في المسجد) مسبلا، لمن أراد استعماله لطهارة، أو شرب، أو غيرهما.

وفيه: جواز وضعه في المسجد. وقد كانوا يضعون أيضا: أعذاق التمر لمن أرادها، في المسجد. في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

قال النووي : ولا خلاف في جواز هذا، وفضله.

(ويحتطبون فيبيعونه، ويشترون به الطعام لأهل الصفة، والفقراء) .

قال النووي : أصحاب الصفة: هم الفقراء الغرباء، الذين كانوا يأوون إلى مسجد النبي صلى الله عليه وآله و سلم. وكانت لهم في آخره "صفة ". وهو مكان منقطع من المسجد، مظلل عليه. يبيتون فيه. قاله إبراهيم الحربي، والقاضي.

وأصله: من "صفة البيت ". وهي شيء كالظلة، قدامه.

[ ص: 490 ] فيه: فضيلة الصدقة. وفضيلة الاكتساب من الحلال لها.

وفيه: جواز الصفة في المسجد. وجواز المبيت فيه، بلا كراهة. قال: وهو مذهبنا، ومذهب الجمهور. انتهى.

(فبعثهم النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم إليهم. فعرضوا لهم: فقتلوهم، قبل أن يبلغوا المكان. فقالوا: اللهم ! بلغ عنا نبينا؛ أنا قد لقيناك، فرضينا عنك، ورضيت عنا) . هذا موضع الترجمة من الباب.

وفيه: فضيلة ظاهرة للشهداء. وثبوت الرضا منهم ولهم. وهو موافق لقوله تعالى: رضي الله عنهم ورضوا عنه ) .

قال العلماء: رضي الله عنهم بطاعتهم، ورضوا عنه ما أكرمهم به وأعطاهم إياه من الخيرات.

" والرضى من الله تعالى ": إفاضة الخير والإحسان والرحمة. فيكون من صفات الأفعال. وهو أيضا بمعنى: " إرادته ". فيكون من صفات الذات.

(قال: وأتى رجل حراما "خال أنس " من خلفه، فطعنه برمح حتى أنفذه. فقال حرام: فزت، ورب الكعبة ! فقال رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم لأصحابه: " إن إخوانكم قد قتلوا. وإنهم قالوا: [ ص: 491 ] اللهم ! بلغ عنا نبينا، أنا قد لقيناك، فرضينا عنك، ورضيت عنا ") .

فيه: ثبوت الجنة للشهيد. ورضى الله عنهم، ورضاهم عنه.

التالي السابق


الخدمات العلمية