السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
201 باب: من قتل دون ماله فهو شهيد

وقال النووي في الجزء الأول: (باب الدليل على أن من قصد أخذ مال غيره بغير حق، كان القاصد مهدر الدم في حقه. وإن قتل كان في النار. وأن من قتل دون ماله فهو شهيد) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 163 جـ 2 المطبعة المصرية

[عن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! أرأيت إن جاء رجل، يريد أخذ مالي؟ قال: "فلا تعطه مالك" . قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: "قاتله" . قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: "فأنت شهيد" . قال: أرأيت إن قتلته؟ قال: "هو في النار" . ]


[ ص: 499 ] (الشرح)

(عن أبي هريرة) رضي الله عنه؛ (قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم، فقال: يا رسول الله ! أرأيت إن جاء رجل، يريد أخذ مالي ؟ قال: " فلا تعطه مالك ") أي: لا يلزمك أن تعطيه. وليس المراد: تحريم الإعطاء.

(قال: أرأيت إن قاتلني ؟ قال: " قاتله ". قال: أرأيت إن قتلني ؟ قال: "فأنت شهيد ". قال: أرأيت إن قتلته ؟ قال: " هو في النار ") أي: أنه يستحق ذلك. وقد يجازى. وقد يعفى عنه، إلا أن يكون مستحلا لذلك، بغير تأويل، فإنه يكفر ولا يعفى عنه.

وفيه: جواز قتل القاصد لأخذ المال بغير حق، سواء كان المال قليلا أو كثيرا، لعموم الحديث. وهذا قول الجماهير من العلماء.

وقال بعض أصحاب مالك: لا يجوز قتله، إذا طلب شيئا يسيرا، كالثوب والطعام. قال النووي : وهذا ليس بشيء. والصواب: ما قاله الجماهير.

قال: وأما المدافعة عن الحريم، فواجبة بلا خلاف. وفي المدافعة عن النفس بالقتل خلاف. والمدافعة عن المال جائزة غير واجبة. والله أعلم.

وفي حديث ابن عمرو: " أما علمت: أن رسول الله صلى الله عليه [ ص: 500 ] وآله وسلم قال: من قتل دون ماله فهو شهيد ؟ " والشهداء - سوى من قتل في الجهاد - كثيرون. وقد جمعهم بعض أهل العلم، في تأليف مفرد. وسردناهم في كتابنا " دليل الطالب ". لا نطول بذكرهم هذا المقام. ولكن هؤلاء دون المقتول في سبيل الله، وفوق الذين لم يموتوا بموت سماه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " الشهادة ".

وأقول هنا: اللهم ارزقنا شهادة في سبيلك، واجعل موتنا في بلد رسولك.

التالي السابق


الخدمات العلمية