السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3523 باب في قوله تعالى: رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه

وهو في النووي في: (باب ثبوت الجنة للشهيد) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 47 - 48 جـ 13 المطبعة المصرية

[عن ثابت ، قال: قال أنس : عمي الذي سميت به، لم يشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا . قال: فشق عليه، قال: أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم غيبت عنه. وإن أراني الله مشهدا فيما بعد، مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليراني الله ما أصنع. قال: فهاب أن يقول غيرها. قال: فشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد .

قال: فاستقبل سعد بن معاذ . فقال له أنس : يا أبا عمرو ، أين؟ فقال: واها لريح الجنة. أجده دون أحد . قال: فقاتلهم حتى قتل. قال: فوجد في جسده بضع وثمانون؛ من بين ضربة، وطعنة، [ ص: 501 ] ورمية. قال: فقالت أخته (عمتي الربيع بنت النضر ): فما عرفت أخي إلا ببنانه. ونزلت هذه الآية: رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا قال: فكانوا يرون أنها نزلت فيه وفي أصحابه
].


(الشرح)

(عن ثابت، قال: قال أنس) رضي الله عنه؛ (عمي الذي سميت به؛ لم يشهد مع رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم بدرا. قال: فشق عليه، قال: أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم، غيبت عنه. وإن أراني الله " عز وجل " مشهدا فيما بعد، مع رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم، ليراني الله "تعالى " ما أصنع) . هكذا هو في أكثر النسخ: " ليراني" بالألف. وهو صحيح. ويكون " ما أصنع ": بدلا من الضمير في "ليراني ". أي: ليرى الله ما أصنع.

ووقع في بعض النسخ " ليرين الله " بياء بعد الراء. ثم نون مشددة.

وهكذا وقع في صحيح البخاري. وعلى هذا، ضبطوه بوجهين؛ أحدهما: "ليرين، بفتح الياء والراء. أي: يراه الله واقعا بارزا.

والثاني: " ليرين " بضم الياء وكسر الراء. معناه: ليرين الله الناس ما أصنعه، ويبرزه الله تعالى لهم.

[ ص: 502 ] (قال: فهاب أن يقول غيرها) معناه: أنه اقتصر على هذه اللفظة المبهمة. أي: قوله: "ليرين الله ما أصنع "، مخافة أن يعاهد الله على غيرها، فيعجز عنه. أو تضعف بنيته عنه. أو نحو ذلك. وليكون إبراء له من الحول والقوة.

(قال: فشهد مع رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم " يوم أحد ". فاستقبل سعد بن معاذ. فقال له أنس: يا أبا عمرو ! أين ؟ فقال: واها لريح الجنة. أجده دون أحد) .

"واها ": كلمة تحنن وتلهف. وهذا محمول على ظاهره. وأن الله تعالى أوجده ريحها من موضع المعركة. وقد ثبتت الأحاديث: أن ريحها توجد من مسيرة " خمسمائة عام ".

(قال: فقاتلهم حتى قتل. قال: فوجد في جسده بضع وثمانون؛ من بين ضربة، وطعنة، ورمية. قال: فقالت أخته: " عمتي الربيع بنت النضر: فما عرفت أخي، إلا ببنانه. ونزلت هذه الآية: رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا قال: فكانوا يرون أنها نزلت فيه، وفي أصحابه) .

فيه: ثبوت الجنة للشهيد. وأن صدق المعاهدة، يستحق صاحبه الثناء عليه.

[ ص: 503 ] وفيه: أن تبديل المعاهدة، لم يقع من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم. والآية رادة على الرافضة بإشارة النص. والله أعلم.

والعبرة " بعموم اللفظ "، لا بخصوص السبب.

التالي السابق


الخدمات العلمية