السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3527 باب من قاتل للرياء والسمعة

ومثله في النووي بزيادة: (استحق النار) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 50 - 51 جـ 13 المطبعة المصرية

[عن سليمان بن يسار ؛ قال: تفرق الناس عن أبي هريرة فقال له ناتل أهل الشام : أيها الشيخ! حدثنا حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: نعم. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه، رجل استشهد. فأتي به، فعرفه نعمه فعرفها. قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك، حتى استشهدت. قال: كذبت. ولكنك قاتلت لأن يقال: جريء. فقد قيل: ثم أمر به، فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل تعلم العلم وعلمه، وقرأ القرآن. فأتي به، فعرفه نعمه فعرفها. قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن. قال: كذبت. ولكنك تعلمت [ ص: 508 ] العلم ليقال: عالم. وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ. فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار. ورجل وسع الله عليه، وأعطاه من أصناف المال كله، فأتي به، فعرفه نعمه فعرفها. قال: فما عملت فيها؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها، إلا أنفقت فيها لك. قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال: هو جواد. فقد قيل. ثم أمر به، فسحب على وجهه، ثم ألقي في النار " ].


(الشرح)

(عن سليمان بن يسار) رضي الله عنه؛ (قال: تفرق الناس عن أبي هريرة) أي: تفرقوا بعد اجتماعهم.

فقال له ناتل أهل الشام) . وفي الرواية الأخرى: " فقال له ناتل الشامي ". وهو بالنون في أوله، وبعد الألف تاء. وهو ابن " قيس الحزامي الشامي " من أهل فلسطين. وهو تابعي. وكان أبوه صحابيا. وكان " ناتل " كبير قومه.

وفي بعض نسخ المتن، فقال له ناس من أهل الشام؛ (أيها الشيخ ! حدثني حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم. قال: نعم. سمعت رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم يقول: إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه، رجل استشهد. فأتي به فعرفه نعمه) بكسر النون وفتح العين: جمع "نعمة"، بسكون العين.

[ ص: 509 ] (فعرفها. قال: فما عملت فيها ؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت. قال: كذبت. ولكنك قاتلت لأن يقال: جريء. فقد قيل. ثم أمر به، فسحب على وجهه، حتى ألقي في النار. ورجل تعلم العلم وعلمه، وقرأ القرآن. فأتي به، فعرفه نعمه فعرفها. قال: فما عملت فيها ؟ قال: تعلمت العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن. قال: كذبت. ولكنك تعلمت العلم ليقال: عالم. وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ. فقد قيل. ثم أمر به، فسحب على وجهه، حتى ألقي في النار. ورجل وسع الله عليه، وأعطاه من أصناف المال كله. فأتي به، فعرفه نعمه فعرفها. قال: فما عملت فيها ؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها، إلا أنفقت فيها لك. قال: كذبت. ولكنك فعلت ليقال: هو جواد. فقد قيل. ثم أمر به، فسحب على وجهه، ثم ألقي في النار) .

هذا الحديث: فيه دليل على أن فعل الطاعات العظيمة مع سوء النية، من أعظم الوبال على فاعله. فإن الذي أوجب سحبه في النار على وجهه: هو فعل تلك الطاعة المصحوبة بتلك النية الفاسدة. وكفى بهذا رادعا، لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

اللهم ! إنا نسألك صلاح النية، وخلوص الطوية.

وقال النووي : قوله صلى الله عليه وآله وسلم في الغازي والعالم والجواد، وعقابهم على فعلهم ذلك لغير الله، وإدخالهم النار: دليل [ ص: 510 ] على تغليظ تحريم الرياء، وشدة عقوبته، وعلى الحث على وجوب الإخلاص في الأعمال. كما قال تعالى: وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين .

قال: وفيه: أن العمومات الواردة في فضل الجهاد، إنما هي لمن أراد الله تعالى بذلك مخلصا. وكذلك الثناء على العلماء، وعلى المنفقين في وجوه الخيرات، كله محمول على من فعل ذلك لله تعالى مخلصا. انتهى.

وفي ذم الرياء، وذم علماء السوء: أحاديث كثيرة طيبة. وورد: أن يسير الرياء " شرك"..

وورد: " أن الشرك في هذه الأمة، أخفى من دبيب النمل". وفي الباب: عن جماعة من الصحابة " رضي الله عنهم أجمعين".

التالي السابق


الخدمات العلمية