السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3263 باب في أمر البعوث بالتيسير

وهو في النووي في: (الباب المتقدم) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 41 جـ 12 المطبعة المصرية

[ (عن أبي موسى ) رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه ومعاذا إلى اليمن فقال: يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا . وتطاوعا ولا تختلفا ") .

وفي رواية أخرى عنه، عند مسلم: " بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا ". وزاد في حديث أنس، عند مسلم: " وسكنوا ولا تنفروا ) " ].


(الشرح)

وإنما جمع في هذه الألفاظ، بين الشيء وضده؛ لأنه قد يفعلهما في وقتين. فلو اقتصر على ( يسروا "، ) لصدق ذلك على من يسر مرة [ ص: 561 ] أو مرات، وعسر في معظم الحالات. فإذا قال: (" ولا تعسروا "، ) انتفى التعسير في جميع الأحوال، من جميع وجوهه. وهذا هو المطلوب.

وكذا يقال في: " يسرا ولا تنفرا. وتطاوعا ولا تختلفا "؛ لأنهما قد يتطاوعان في وقت، ويختلفان في وقت. وقد يتطاوعان في شيء، ويختلفان في شيء.

وفي هذا الحديث: الأمر بالتبشير بفضل الله، وعظيم ثوابه، وجزيل عطائه، وسعة رحمته. والنهي عن التنفير بذكر التخويف، وأنواع الوعيد محضة، من غير ضمها إلى التبشير.

وفيه: تأليف من قرب إسلامه، وترك التشديد عليه. وكذلك من قارب البلوغ من الصبيان، ومن بلغ، ومن تاب من المعاصي: كلهم يتلطف بهم، ويدرجون في أنواع الطاعة قليلا قليلا. وقد كانت أمور الإسلام في التكليف على التدريج. فمتى يسر على الداخل في الطاعة، أو المريد للدخول فيها: سهلت عليه، وكانت عاقبته - غالبا -: التزايد منها. ومتى عسرت عليه: أوشك أن لا يدخل فيها. وإن دخل: أوشك أن لا يدوم، أو لا يستحليها.

وفيه: أمر الولاة بالرفق، واتفاق المتشاركين في ولاية ونحوها.

[ ص: 562 ] وهذا من المهمات، فإن غالب المصالح: لا يتم إلا بالاتفاق. ومتى حصل الاختلاف، فات.

وفيه: وصية الإمام الولاة، وإن كانوا أهل فضل وصلاح؛ كمعاذ، وأبي موسى. فإن الذكرى تنفع المؤمنين.

وهذا الحديث: مما استدركه الدارقطني . وأجاب عنه النووي . فراجعه.

التالي السابق


الخدمات العلمية