السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3388 باب الاستعانة بالمشركين في الغزو

وقال النووي : ( باب كراهة الاستعانة في الغزو بكافر: إلا لحاجة، أو كونه حسن الرأي في المسلمين) .

وقال في المنتقى: (باب ما جاء في الاستعانة بالمشركين) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 198 - 199 جـ 12 المطبعة المصرية

[ عن عائشة " زوج النبي صلى الله عليه وسلم" ؛ أنها قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل بدر . فلما كان بحرة الوبرة ، أدركه رجل، قد كان يذكر منه جرأة ونجدة . ففرح أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه . فلما أدركه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: جئت لأتبعك، وأصيب معك . قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : "تؤمن بالله ورسوله؟ " قال: لا. قال: "فارجع فلن أستعين بمشرك" .

قالت: ثم مضى. حتى إذا كنا بالشجرة، أدركه الرجل. فقال له، كما قال أول مرة. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كما قال أول مرة؛ قال: "فارجع. فلن أستعين بمشرك". قال: ثم رجع فأدركه بالبيداء ، [ ص: 618 ] فقال له كما قال أول مرة: " تؤمن بالله ورسوله؟ " . قال: نعم. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فانطلق"
] .


(الشرح)

(عن عائشة) رضي الله عنها (- زوج النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم - أنها قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم قبل بدر. فلما كان بحرة الوبرة) قال النووي : هكذا ضبطناه " بفتح الباء ". وكذا نقله القاضي عن جميع رواة مسلم. قال: وضبطه بعضهم بإسكانها. وهو موضع على نحو من أربعة أميال من المدينة.

(أدركه رجل، قد كان يذكر منه جرأة ونجدة. ففرح أصحاب رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم حين رأوه. فلما أدركه قال لرسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم: جئت لأتبعك، وأصيب معك. قال له رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم: " تؤمن بالله ورسوله ؟" قال: لا. قال: " فارجع. فلن أستعين بمشرك ". قالت: ثم مضى، حتى إذا كنا بالشجرة): اسم موضع. (أدركه الرجل) هكذا هو في النسخ: " حتى إذا كنا ". فيحتمل: أن " عائشة"، كانت مع المودعين، فرأت ذلك. ويحتمل: أنها أرادت بقولها "كنا ": كان المسلمون. والله أعلم.

[ ص: 619 ] (فقال له، كما قال أول مرة. فقال له النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم كما قال أول مرة؛ قال: " فارجع. فلن أستعين بمشرك ". قال: ثم رجع فأدركه بالبيداء): اسم موضع. (فقال له كما قال أول مرة: " تؤمن بالله ورسوله ؟ " قال: نعم. فقال له رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم: " فانطلق ") .

وقد جاء في حديث آخر: " أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: استعان بصفوان بن أمية، قبل إسلامه".

فأخذ طائفة من العلماء: بالحديث الأول على إطلاقه.

وقال الشافعي ، وآخرون: إن كان الكافر حسن الرأي في المسلمين، ودعت الحاجة إلى الاستعانة به: استعين به. وإلا، فيكره. وحمل الحديثين، على هذين الحالين.

وإذا حضر الكافر بالإذن: رضخ له. ولا يسهم له. هذا مذهب مالك، والشافعي، وأبي حنيفة، والجمهور. وقال الزهري، والأوزاعي: يسهم له. هذا كلام النووي .

وأقول: الظاهر من الأدلة: عدم جواز الاستعانة بمن كان مشركا مطلقا. لما في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "لن أستعين بمشرك ": من العموم. لأن النكرة في سياق النفي تفيد العموم. وكذلك قوله [ ص: 620 ] صلى الله عليه وآله وسلم: " إنا لا نستعين بالمشركين". ويؤيد هذا: قوله تعالى: ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا .

وقد أخرج الشيخان عن البراء، " قال: جاء رجل مقنع بالحديد، فقال: يا رسول الله ! أقاتل، أو أسلم ؟ قال: أسلم. ثم قاتل. فأسلم ثم قاتل فقتل. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: عمل قليلا، وأجر كثيرا ".

قال في البحر. وتجوز الاستعانة بالمنافق إجماعا، لاستعانته صلى الله عليه وآله وسلم بابن أبي وأصحابه. وتجوز الاستعانة بالفساق على الكفار إجماعا، وعلى البغاة، لاستعانة علي بالأشعث. والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية