السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3434 باب: الأمر بلزوم الجماعة، عند ظهور الفتن

وقال النووي : ( باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين، عند ظهور الفتن، وفي كل حال. وتحريم الخروج من الطاعة، ومفارقة الجماعة) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص236-237 ج12 المطبعة المصرية

[حدثني محمد بن المثنى . حدثنا الوليد بن مسلم . حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر. حدثني بسر بن عبيد الله الحضرمي ; أنه سمع أبا إدريس الخولاني يقول: سمعت حذيفة بن اليمان يقول: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير. وكنت أسأله عن الشر; مخافة [ ص: 342 ] أن يدركني. فقلت: يا رسول الله! إنا كنا في جاهلية وشر. فجاءنا الله بهذا الخير. فهل بعد هذا الخير شر؟ قال: "نعم" فقلت" هل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: "نعم. وفيه دخن". قلت: وما دخنه؟ قال: "قوم يستنون بغير سنتي. ويهدون بغير هديي. تعرف منهم وتنكر" فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: "نعم. دعاة على أبواب جهنم. من أجابهم إليها; قذفوه فيها" فقلت: يا رسول الله! صفهم لنا. قال: "نعم قوم من جلدتنا. ويتكلمون بألسنتنا". قلت: يا رسول الله! فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم". فقلت: فإن لم تكن لهم جماعة، ولا إمام؟ قال: "فاعتزل تلك الفرق كلها. ولو أن تعض على أصل شجرة، حتى يدركك الموت، وأنت على ذلك" ].


(الشرح)

( عن حذيفة بن اليمان ) رضي الله عنه; ( قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الخير. وكنت أسأله عن الشر; مخافة أن يدركني. فقلت: يا رسول الله! إنا كنا في جاهلية وشر. فجاءنا الله بهذا الخير. فهل بعد هذا الخير شر؟ قال: "نعم". فقلت له: هل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: "نعم. وفيه دخن") .

[ ص: 343 ] قال أبو عبيد وغيره: "الدخن" بفتح الدال والخاء. أصله: أن تكون في لون الدابة كدورة إلى سواد. قالوا: والمراد هنا: أن لا تصفو القلوب بعضها لبعض، ولا يزول خبثها، ولا ترجع إلى ما كانت عليه من الصفا . قال عياض : المراد بالخير بعد الشر: أيام عمر بن عبد العزيز "رضي الله عنه".

( قلت: وما دخنه؟ قال: "قوم يستنون بغير سنتي. ويهتدون بغير هديي") . "الهدي": الهيئة والسيرة والطريقة.

( تعرف منهم وتنكر) . قال النووي : المراد: الأمراء بعد " عمر بن عبد العزيز ". انتهى.

قلت: إبقاء الحديث على العموم أولى من تخصيصه ببعض الأزمان.

( فقلت: هل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: "نعم. دعاة على أبواب جهنم. من أجابهم إليها، قذفوه فيها") .

قال العلماء: هؤلاء من كان من الأمراء: يدعو إلى بدعة أو ضلال آخر; كالخوارج. والقرامطة. وأصحاب المحنة. وكل داعية إلى بدعته.

[ ص: 344 ] ( فقلت: يا رسول الله! صفهم لنا. قال: "نعم. هم قوم من جلدتنا. ويتكلمون بألسنتنا".

قلت: يا رسول الله! فما ترى إن أدركني ذلك؟ قال: "تلزم جماعة المسلمين وإمامهم". فقلت: فإن لم يكن لهم جماعة، ولا إمام؟) . كما هو مشاهد اليوم.

( قال: "فاعتزل تلك الفرق كلها. ولو أن تعض على أصل شجرة، حتى يدركك الموت، وأنت على ذلك") .

فيه: الإرشاد إلى العزلة، في زمان الفتن.

قال النووي : في هذا الحديث: لزوم جماعة المسلمين وإمامهم; ووجوب طاعته، وإن فسق وعمل المعاصي; من أخذ الأموال وغير ذلك. فتجب طاعته في غير معصية.

قال: وفيه: معجزات لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وهي هذه الأمور التي أخبر بها. وقد وقعت كلها. انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية