السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3436 [ ص: 345 ] باب: فيمن خرج من الطاعة، وفارق الجماعة

وهو في النووي في: ( الباب المتقدم) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص238-239 ج12 المطبعة المصرية

[عن أبي هريرة ; عن النبي صلى الله عليه وسلم; أنه قال: " من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، فمات: مات ميتة جاهلية، ومن قاتل تحت راية عمية، يغضب لعصبة، أو يدعو إلى عصبة، أو ينصر عصبة، فقتل: فقتلة جاهلية. ومن خرج على أمتي، يضرب برها وفاجرها، ولا يتحاشى من مؤمنها، ولا يفي لذي عهد عهده: فليس مني، ولست منه" ].


(الشرح)

( عن أبي هريرة ) رضي الله عنه; ( عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم; أنه قال: من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة) ، كناية عن: معصية السلطان ومحاربته. قال ابن أبي جمرة: المراد بالمفارقة: السعي في حل عقد البيعة التي حصلت لذلك الأمير، ولو بأدنى شيء.

( فمات: مات ميتة جاهلية.) بكسر الميم. أي مات على صفة موتهم، من حيث هم فوضى لا إمام لهم. وفي رواية: "ليس أحد من الناس يخرج من السلطان شبرا، فمات عليه: إلا مات ميتة جاهلية".

[ ص: 346 ] وفي أخرى لمسلم: "فميتته ميتة جاهلية ".

قال في النيل: المراد بالميتة الجاهلية: أن يكون حاله في الموت، كموت أهل الجاهلية، على ضلال. وليس له إمام مطاع. لأنهم كانوا لا يعرفون ذلك. وليس المراد: أنه يموت كافرا. بل يموت عاصيا. قال: ويحتمل أن يكون التشبيه على ظاهره. ومعناه: أنه يموت مثل موت الجاهلي، وإن لم يكن جاهليا. أو أن ذلك ورد مورد الزجر والتنفير. فظاهره غير مراد. ويؤيد أن المراد بالجاهلية التشبيه: ما أخرجه الترمذي، وابن خزيمة، وابن حبان وصححه; من حديث الحارث بن الحارث الأشعري "من حديث طويل". وفيه: "من فارق الجماعة شبرا فكأنما خلع ربقة الإسلام من عنقه". وأخرجه البزار والطبراني في الأوسط، من حديث ابن عباس . وقال فيه: "من رأسه" بدل: "من عنقه". وفي سنده: "جليد بن دعلج" وفيه مقال .

( ومن قاتل تحت راية عمية) بضم العين وكسرها، لغتان مشهورتان والميم مكسورة مشددة. والياء مشددة أيضا. قالوا: هي الأمر الأعمى [ ص: 347 ] لا يستبين وجهه. كذا قاله أحمد بن حنبل "رحمه الله" والجمهور. وقال إسحاق بن راهويه: هذا كتقاتل القوم للعصبية.

( يغضب لعصبة، أو يدعو إلى عصبة، أو ينصر عصبة) . قال النووي : هذه الألفاظ الثلاثة بالعين والصاد المهملتين. هذا هو الصواب المعروف في نسخ بلادنا وغيرها.

وحكى عياض عن رواية العذري : "بالغين والضاد المعجمتين" في الألفاظ الثلاثة . ومعناها: أنه يقاتل لغضبه لها وشهوة نفسه. ويؤيد الرواية الأولى: قوله: "يغضب للعصبة، ويقاتل للعصبة". ومعناه: أنه يقاتل عصبية، لقومه وهواه.

( فقيل فقتلة جاهلية) . وفي رواية أخرى: "فليس من أمتي".

( ومن خرج على أمتي، يضرب برها وفاجرها، ولا يتحاش من مؤمنها) ، وفي بعض النسخ: "يتحاشى"، ومثله في الرواية الأخرى أيضا بالياء . ومعناه: لا يكترث بما يفعله فيها، ولا يخاف وباله وعقوبته.

[ ص: 348 ] ( ولا يفي لذي عهد عهده: فليس مني، ولست منه) . وفي هذا: من الوعيد والزجر، ما لا يقادر قدره.

التالي السابق


الخدمات العلمية