السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3567 باب في الصيد بالقوس، والكلب المعلم وغير المعلم

وذكره النووي : ( في الباب المتقدم) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص79 ج13 المطبعة المصرية

[عن حيوة بن شريح; قال: سمعت ربيعة بن يزيد الدمشقي يقول: أخبرني أبو إدريس، عائذ الله; قال سمعت أبا ثعلبة الخشني يقول: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله! إنا بأرض قوم من أهل الكتاب، نأكل في آنيتهم.

[ ص: 374 ] وأرض صيد، أصيد بقوسي، وأصيد بكلبي المعلم، أو بكلبي الذي ليس بمعلم. فأخبرني; ما الذي يحل لنا من ذلك؟

قال: "أما ما ذكرت أنكم بأرض قوم من أهل الكتاب، تأكلون في آنيتهم. فإن وجدتم غير آنيتهم; فلا تأكلوا فيها. وإن لم تجدوا; فاغسلوها ثم كلوا فيها.

وأما ما ذكرت أنك بأرض صيد،
فما أصبت بقوسك; فاذكر اسم الله; ثم كل. وما أصبت بكلبك المعلم; فاذكر اسم الله، ثم كل. وما أصبت بكلبك الذي ليس بمعلم فأدركت ذكاته; فكل"
].


(الشرح)

( عن أبي ثعلبة الخشني ) رضي الله عنه; ( قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقلت: يا رسول الله! إنا بأرض قوم من أهل الكتاب، نأكل في آنيتهم. وأرض صيد، أصيد بقوسي، وأصيد بكلبي المعلم، وبكلبي الذي ليس بمعلم) .

المراد بالمعلم: الذي إذا أغراه صاحبه على الصيد; طلبه. وإذا زجره; انزجر. وإذا أخذ الصيد; حبسه على صاحبه. وفي اشتراط الثالث: خلاف. واختلف متى يعلم ذلك منه؟

فقال البغوي في التهذيب: أقله ثلاث مرات.

[ ص: 375 ] وعن أبي حنيفة، وأحمد: يكفي مرتين.

وقال الرافعي : لا تقدير، لاضطراب العرف واختلاف طباع الجوارح. فصار المرجع إلى العرف.

( فأخبرني; بالذي يحل لنا من ذلك. قال: أما ما ذكرت أنكم بأرض قوم أهل كتاب تأكلون في آنيتهم. فإن وجدتم غير آنيتهم; فلا تأكلوا فيها. وإن لم تجدوا; فاغسلوها ثم كلوا فيها) . هكذا رواه الشيخان.

وفي رواية أبي داود : "قال: إنا نجاور أهل الكتاب، وهم يطبخون في قدورهم الخنزير، ويشربون في آنيتهم الخمر. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن وجدتم غيرها، فكلوا فيها واشربوا. وإن لم تجدوا غيرها; فارحضوها بالماء، وكلوا واشربوا".

قال النووي : قد يقال: هذا الحديث مخالف لما يقول الفقهاء. فإنهم يقولون: إنه يجوز استعمال أواني المشركين; إذا غسلت. ولا كراهة فيها بعد الغسل. سواء وجد غيرها أم لا. وهذا الحديث يقتضي كراهة استعمالها; إن وجد غيرها. ولا يكفي غسلها في نفي الكراهة. وإنما يغسلها ويستعملها; إذا لم يجد غيرها. والجواب: أن المراد: النهي [ ص: 376 ] عن الأكل في آنيتهم التي كانوا يطبخون فيها لحم الخنزير، ويشربون الخمر، كما صرح به في رواية " أبي داود ". وإنما نهي عن الأكل فيها بعد الغسل: للاستقذار، وكونها معتادة للنجاسة. كما يكره الأكل في المحجمة المغسولة. وأما الفقهاء: فمرادهم: مطلق آنية الكفار التي ليست مستعملة في النجاسات. فهذه يكره استعمالها قبل غسلها. فإذا غسلت; فلا كراهة فيها، لأنها طاهرة. وليس فيها استقذار. ولم يريدوا نفي الكراهة عن آنيتهم المستعملة في الخنزير وغيره; من النجاسات. والله أعلم.

( وأما ما ذكرت أنك بأرض صيد، فما أصبت بقوسك; فاذكر اسم الله عز وجل، ثم كل) . فيه: أن التسمية واجبة; لتعليق الحل عليها.

( وما أصبت بكلبك المعلم; فاذكر اسم الله عز وجل ، ثم كل) . فيه: أن حلة هذا الصيد: ببركة التعليم.

( وما أصبت بكلبك الذي ليس بمعلم فأدركت ذكاته; فكل) . قال النووي : هذا مجمع عليه; أنه لا يحل إلا بذكاة. انتهى. وعدم حله لشؤم الجهل. والحديث يشير بمفهومه إلى فضل العلم على الجهل، وفضل العالم على الجاهل; وإن كان حيوانا كالكلب ونحوه.

التالي السابق


الخدمات العلمية