السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
376 [ ص: 467 ] (باب في السواك عند الوضوء)

ولفظ النووي: (باب السواك) وهو "بكسر السين". قاله أهل اللغة، ويطلق على "الفعل"، وعلى "العود"، الذي يتسوك به.

وهو مذكر، وقال الليث: وتؤنثه العرب أيضا.

قال الأزهري: هذا من عدد الليث. أي: من أغاليطه القبيحة.

وفي "المحكم": أنه يؤنث، ويذكر، "والسواك": فعلك "بالسواك" يقال: "ساك فمه"، يسوكه، فإن قلت: "استاك"، لم يذكر "الفم" وجمعه "سوك" بضمتين "ككتاب وكتب".

(حديث الباب)

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 145 ج3 المطبعة المصرية

[عن ابن عباس أنه بات عند النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم من آخر الليل، فخرج، فنظر في السماء، ثم تلا هذه الآية في آل عمران إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار حتى بلغ فقنا عذاب النار ثم رجع إلى البيت فتسوك وتوضأ ثم قام فصلى ، ثم اضطجع، ثم قام فخرج فنظر إلى السماء، فتلا هذه الآية، ثم رجع فتسوك فتوضأ، ثم قام فصلى .


[ ص: 468 ] (الشرح)

(عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه بات عند "النبي" صلى الله عليه وسلم "ذات ليلة"، فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم من آخر الليل. فخرج فنظر "في" السماء، ثم تلا هذه الآية: "في آل عمران":

إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار حتى بلغ فقنا عذاب النار .

"فيه"، أنه يستحب قراءتها عند الاستيقاظ في الليل، مع النظر إلى السماء لما في ذلك من عظم التدبر.

"ثم رجع إلى البيت فتسوك" هذا موضع الترجمة "وتوضأ"، ثم قام فصلى. ثم اضطجع، ثم قام فخرج فنظر إلى السماء، فتلا هذه الآية، ثم رجع فتسوك، فتوضأ، ثم قام فصلى".

"فيه" أنه إذا تكرر نومه، واستيقاظه، وخروجه، استحب تكرير قراءة هذه الآيات، كما ذكر في الحديث.

قال النووي: "السواك" سنة، ليس بواجب في حال من الأحوال، [ ص: 469 ] لا في الصلاة، ولا في غيرها، بإجماع من يعتد به في الإجماع.

وقد أوجبه داود الظاهري للصلاة، ولو تركه لم تبطل صلاته، وزاد ابن راهويه: فإن تركه عمدا بطلت صلاته، وحكى أن مذهب داود أنه سنة، ولم يصح عن ابن راهويه هذا المحكي.

قال: ولو صح إيجابه عن داود لم تضر مخالفته في انعقاد الإجماع على المختار الذي عليه المحققون والأكثرون.

قلت: قد تقدم أن حكاية الإجماعات، في غالب الكتب خرافة.

ثم إن ثبت "الإجماع" كان خلاف داود قادحا بلا شك.

فإن أهل الإجماع هم العلماء، المتقنون، العارفون بالكتاب والسنة.

وقد قال أهل الطبقات في حقه: إنه كان جبلا من جبال العلم، محدثا، فاضلا عارفا، زاهدا.

فما معنى عدم المضرة في مخالفته؟

ولعل المراد بالمحققين والأكثرين هم الفقهاء، أصحاب الفروع والمذاهب، وإلا فالمحققون في العلم والراسخون فيه، يعرفون قدره، ومزيته في الإسلام، وعلم الحديث، والقرآن. ولكن مفاسد الجهل، والعصبية، والحمية الجاهلية، أكثر من أن تستقصى.

هذا كتاب "إرشاد الفحول" وملخصه "حصول المأمول"، انظر فيهما يتضح لك مقام "داود" الظاهري، وينكشف عندك أنه كان في أعلى [ ص: 470 ] رتبة من التقوى، والاحتياط، والاتباع؛ قل مثله ومثل أصحابه، وشيوخه، في فقهاء الأمة ومجتهديها.

وهذا كتاب "الإقليد" "والطريقة المثلى" اطلب فيهما حقيقة مسائل الإجماع، والتقليد، تهتد إن شاء الله تعالى إلى سواء الطريق، إن كنت ممن ينصف، ولا يتعصب، ولا يتعسف.

ولكن أنى لك التناوش من مكان بعيد؟ فقد غشي الناس أكثرهم غشاوة تقليد المذاهب، والهوى المتبع.

لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون .

التالي السابق


الخدمات العلمية