السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

صفحة جزء
3657 باب: فيمن ذبح لغير الله

وقال النووي : (باب تحريم الذبح لغير الله تعالى ، ولعن فاعله) .

حديث الباب

وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 141 ج 13 المطبعة المصرية

[عن منصور بن حيان، حدثنا أبو الطفيل (عامر بن واثلة) ، قال: كنت عند علي بن أبي طالب. فأتاه رجل فقال: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسر إليك؟ قال: فغضب، وقال: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسر إلي شيئا يكتمه الناس. غير أنه قد حدثني بكلمات أربع. قال: فقال: ما هن؟ يا أمير المؤمنين! قال قال: "لعن الله من لعن والده. ولعن الله من ذبح لغير الله. ولعن الله من آوى محدثا. ولعن الله من غير منار الأرض"].


[ ص: 450 ] (الشرح)

( عن أبي الطفيل " عامر بن واثلة " ؛ قال : كنت عند علي بن أبي طالب . فأتاه رجل فقال : ما كان النبي صلى الله عليه) وآله ( وسلم يسر إليك ؟ قال : فغضب ، وقال : ما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسر إلي شيئا يكتمه الناس) .

فيه : تصريح بإنكار إسرار النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، إليه " رضي الله عنه " بشيء خاص ، كتمه عن غيره . وهذا يرد على الشيعة القائلة بذلك .

قال النووي : فيه إبطال ما تزعمه الرافضة ، والشيعة ، والإمامية : من الوصية إلى علي ، وغير ذلك من اختراعاتهم .

( غير أنه قد حدثني بكلمات أربع . قال : فقال : وما هن ؟ يا أمير المؤمنين ؟ قال : قال : لعن الله من لعن والده) . وفي رواية : "والديه " قال النووي : لعنهما من الكبائر .

( ولعن الله من ذبح لغير الله) . قال النووي : المراد : أن يذبح باسم غير الله تعالى ؛ كمن ذبح للصنم ، أو الصليب ، أو لموسى ، أو [ ص: 451 ] لعيسى ، أو للكعبة ، ونحو ذلك . وكل هذا حرام . ولا تحل هذه الذبيحة . سواء كان الذابح مسلما ، أو نصرانيا ، أو يهوديا . نص عليه الشافعي . واتفق عليه أصحابنا . فإن قصد مع ذلك : تعظيم المذبوح له " غير الله تعالى " ، والعبادة له : كان ذلك كفرا . فإن كان الذابح مسلما قبل ذلك : صار بالذبح مرتدا .

وذكر الشيخ إبراهيم المروزي من أصحابنا : أن ما يذبح " عند استقبال السلطان " تقربا إليه : أفتى أهل بخارى بتحريمه ، لأنه مما أهل به لغير الله تعالى . قال الرافعي : هذا إنما يذبحونه استبشارا بقدومه . فهو كذبح العقيقة لولادة المولود . ومثل هذا لا يوجب التحريم . انتهى .

قلت : " الإهلال " في اللغة : رفع الصوت . فما رفع به الصوت لغير الله ، وقيل : " إن هذا لفلان " : فقد صدق عليه أنه مما أهل به لغيره سبحانه . سواء سمى الله عند ذبحه ، أو لم يسم . ولفظة " ما " من أعم الصيغ في العموم . فيشمل كل شيء : من حيوان وغيره . وإن كان الحديث هنا ورد في الذبح خاصة . فالعبرة : بعموم اللفظ ، لا بخصوص السبب . وقد ورد القرآن بذلك .

( ولعن الله من آوى محدثا) . بكسر الدال . قال النووي : وهو من يأتي بفساد في الأرض . انتهى .

[ ص: 452 ] قلت : المراد به : من أحدث شيئا في الدين ، على غير مثال سبق . وابتدع أمرا ليس عليه أمر الشارع. ودل الحديث : على أن المبتدع يستحق اللعن . وهذا غاية في الشناعة ، ونهاية في الوعيد . وشمل لفظ " المحدث " : كل محدث وإحداث ؛ لكونه وقع نكرة .

( ولعن الله من غير منار الأرض) . بفتح الميم . والمراد به : علامات حدودها . وأكثر ما يقع هذا التغيير من الأكارين .

والحديث : له ألفاظ وطرق ؛

منها : عن أبي الطفيل بلفظ : "قال : سئل علي : أخصكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، بشيء ؟ فقال : ما خصنا بشيء لم يعم به الناس كافة ؛ إلا ما كان في قراب سيفي هنا . قال : فأخرج صحيفة مكتوب فيها : لعن الله من ذبح لغير الله . ولعن الله من سرق منار الأرض . ولعن الله من لعن والده . ولعن الله من آوى محدثا " .

التالي السابق


الخدمات العلمية